آبل مرغمة على مواجهة FBI علنا لكن لا نستبعد التعاون بينهما تحث الطاولة

آبل مرغمة على مواجهة FBI
أفضل معركة لهذا الأسبوع و أفضل فرصة للشركات الأمريكية لمحو فضيحة PRISM

أفضل معركة لهذا الأسبوع هي التي اندلعت علنا بين آبل و مكتب التحقيق الفيدرالي FBI على خلفية مطالبة هذا الأخير للشركة الأمريكية بالتعاون في فك تشفير آيفون و توفير باب خلفي لنظامها على أجهزتها يكون متاحا لها وقت ما شاءت من أجل الوصول إلى البيانات في أجهزة الإرهابيين.

الهجوم الإرهابي الذي شهدته كاليفورنيا نهاية العام المنصرم و الذي راح ضحيته 14 شخصا، هو الذي تسبب في الاصطدام ما بين الحكومة الفيدرالية ممثلة في FBI ضد آبل التي تنوب اليوم في معركتها العلنية عن كل الشركات التقنية خصوصا الأمريكية التي أكدت التقارير منذ سنوات على أنها متعاونة جدا مع هذا المكتب و سارعت فيما بعد لنفي التقارير بعد فضيحة قضية العميل ادوارد سنودن و الذي كشف عن عدد من الوثائق السرية و منها وجود برنامج التجسس السري و الذي طورته المخابرات و يدعى PRISM و بدأ عمله منذ سنة 2007 و بالتعاون مع مايكروسوفت و جوجل و فيس بوك مع آبل حيث يجمع الكم الهائل للبيانات و يتيح لها الوصول إليها و فلترتها بسهولة.

و تبدأ أحداث الإصطدام من خلال مطالبة FBI شركة آبل بالتعاون معهم على الغاء تشفير آيفون و مساعدتهم في الوصول إلى البيانات المخزنة على أجهزة المستخدمين، و تكون هذه الإمكانية متاحة فقط لمكتب التحقيق الفيدرالي من أجل استخدامها في أي وقت دون العودة لشركة آبل.

الحقيقة أنه في البداية تعاونت آبل مع هذا المطلب و قدمت بعض المساعدات و المعلومات، لكن اصرار FBI على الوصول الكامل لبيانات المستخدمين و خوف الشركة على سمعتها في حالة الاقدام على هذه الخطوة دفعها لرفض ذلك على العلن، كما أن إلغاء التشفير أو توفير الأدوات لذلك يمكنه أن يؤدي لوصول جهات أخرى خارجية ليس لها علاقة بالموضوع لتلك الإمكانيات و الاضرار بهواتف آيفون من خلال اختراقها.

للأسف FBI لم تتفهم أعذار آبل و أقدمت على رفع قضية ضد الشركة في المحكمة و جاء الحكم في صالحها بأمر من القاضي الاتحادي شيري بيم الذي طالب بآبل بتنفيذ طلب المكتب الفيدرالي، و هنا تدخل الرئيس التنفيذي السيد تيم كوك ليؤكد في بيان رسمي أن الشركة ترفض الحكم و لن تتعاون مع المكتب الفدرالي بهذه الطريقة.

رد فعل شجاع و كلنا معجبين بشجاعة آبل خصوصا و أن البيت الأبيض تدخل أيضا في الموضوع و اعتبر تعاونها ضرورة وطنية و في صالح الأمن القومي و أعلى من المصلحة التجارية، فيما اكد المرشحين للرئاسة و أبرزهم دونالد ترامب أنه من واجب آبل الاذعان لمطالب البلاد و الترفع عن الأنانية!

في هذا الصدد طالبت شركة آبل السلطات بتفهم موقفها، هي لا تريد اختراق تشفير خدماتها و منتجاتها لأن ذلك سيعطي فرصة الوصول للبيانات ليس فقط من FBI بل أيضا من جهات أخرى و منها المخابرات الصينية و مجموعات الهاكرز و وكالات استخبارات دول أخرى مثل روسيا و دول الاتحاد الأوروبي.

لكن كل هذا لم يثني السلطات الفيدرالية من الإصرار على موقفها لتجد آبل نفسها في أخطر مواجهة بتاريخها تخوضها في سبيل آمن المستخدمين و خصوصياتهم و سمعتها و صورتها أمام الأمريكيين و العالم أجمع أملا في أن تفوز و تربح أضعاف ما نتخيل!

 

  • المعركة العلنية في صالحها و تضامن المنافسين معها في صالحهم أيضا

من الجيد أن نصنف هذا الحدث ضمن أحداث معركة الخصوصية و الدفاع عنها، لكن من المنطقي أيضا أن لا تمر هذه القضية دون أن تحقق الشركة المزيد من الثقة و السمعة بما يدفع المزيد من الناس في العالم للإنضمام إلى جمهورها.

إنها فرصة كبيرة لشركة آبل، لهذا وجدت أن المعركة العلنية و الدفاع المستميث عن أمن و خصوصية المستخدمين في وجه مكتب التحقيق الفيدرالي ضرورة و مسألة حياة أو موت، الشركة الأميركية التي تضررت فعلا سمعتها كما منافساتها على خلفية إكتشاف البرنامج السري PRISM ترى أن هذه هي الفرصة لتتبرأ بالدليل و البرهان من تعاونها خلال السنوات الماضية و سرا مع FBI.

تضامن جوجل و واتساب و من ورائه فيس بوك و أيضا تويتر و شركات أخرى و منها ياهو و مايكروسوفت و LinkedIn مع موقف آبل الغرض منه واضح، الأول هو دعم الصمود العلني لآبل و بالتالي تجنب أية ضغوطات FBI قد يشملها هي الأخرى، و أما الهدف الثاني فهو تسويقي محض و نقصد بالطبع أنها كلها حريصة على أمان معلومات المستخدمين و أنها ضد إختراق التشفير أو توفير باب خلفي في أنظمتها و خدماتها يرسل مباشرة ما يقوم به المستخدم للوكالة الأمريكية أو غيرها.

لذا لا أتوقع رضوخ آبل لهذه المطالب و الشركات التقنية بإمكانها أن تصعد ضد السلطات أكثر و أكثر على العلن، في النهاية ستبدو بمظهر الفائز أمام جماهيرها و عملائها.

 

  • لكن التعاون و الحوار السري منطقي للغاية و أبوابه مفتوحة دائما

بالتوازي مع أي معركة علنية بين طرفين تنشط الديبلوماسية في السر و قد تكون علنا لرأب الصدع و تجنب المزيد من الإصطدام خصوصا عندما يدرك الطرفين أن المواجهة لا تصب في صالحهما على المدى البعيد.

استمرار الصراع بين الطرفين سيعطي للعام صورة بأن الحكومة الأمريكية تنتهك الحريات تحث عنوان مكافحة الإرهاب و هي لا تختلف كثيرا عن الدول التي تصفها دائما بأنها ديكتاتورية و مستبدة، بينما سوء العلاقة بين الطرفين قد يضر بآبل التي سيشغلها الموضوع و تضرها المحاكمات و تبعاتها.

لذا فإن فتح قنوات الحوار و التواصل بينهما هو أمر ممكن و يمكن أن يترتب عنه اتفاق عادل للطرفين و يكون سريا جزء منه أو كله.

 

نهاية المقال:

لا تدع عشقك لشركة آبل أو شركة أمريكية أخرى بما فيها جوجل و مايكروسوفت و تويتر و فيس بوك و القائمة تطول، ينسيك أن كل هذه الشركات متورطة في قضية برنامج التجسس السري PRISM و الذي يجمع كل البيانات التي يتبادلها الناس على خدماتها و أجهزتها و يرسلها مباشرة إلى FBI.

اليوم هذه المعركة هي فرصة للشركات الأمريكية من أجل التأكيد علنا و أمام العالم على أنها حريصة على بيانات المستخدمين و خصوصياتهم لكن تحث الطاولة سيظل التعاون و الحوار قائما لأنه الأفضل للجميع.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز