
مع اعلان البنك المركزي المصري عن عملية تحرير العملة المصرية من الإرتباط بالدولار الأمريكي، يطرح المواطن البسيط سؤالا مهما: يعني ايه تعويم الجنيه؟
وفي هذا المقال يمكننا تبسيط عملية التعويم للمبتدئين والأشخاص الذين لا يفهمون أي شيء في الإقتصاد والفوركس والأنظمة النقدية والمالية.
كي نفهم التعويم يجب أن تفهم النظام النقدي القديم
تعمل مصر مع معظم الدول العربية والناشئة والمتخلفة بنظام سعر الصرف الثابت وهو نظام تثبيت سعر صرف العملة المصرية عند مستوى محدد مقابل الدولار الأمريكي والعملات النقدية الأخرى ولا يتحرك إلا بنسبة ضئيلة جدا.
هذا النظام النقدي تخلت عنه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا والدول الصناعية والمتقدمة، وذلك لأنه لا يوفر سعرا حقيقيا للعملات النقدية ولا يحقق الشفافية المطلوبة.
في نظام سعر الصرف الثابت تستخدم مصر الدولارات والعملات النقدية التي تحصل عليها من السياحة والتصدير وتحويلات المغتربين في تثبيت سعر الجنيه وبالتالي حرق الإحتياطي النقدي في تثبيت السعر.
ومع تعرض البلاد لأي أزمة عالمية مثل أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة، يزداد الضغط على البلاد التي تحتاج إلى توفير الدولار للإستيراد وهي التي تحرق معظمه في الدفاع عن العملة، والنتيجة شح الدولارات في البنوك وتوقف الإستيراد وارتفاع التضخم أو أسعار السلع وندرة المواد الأساسية.
هذا هو عيب نظام سعر الصرف الثابت المعمول به في مصر، ولهذا السبب يطالب صندوق النقد الدولي والخبراء بتحرير سعر الجنيه، وهذا كي تذهب الدولارات إلى أمور أهم عوض حرقها للتلاعب بالعملة المصرية.
يعني ايه تعويم الجنيه أو ماذا يعني تعويم الجنيه؟
في عمليات التعويم السابقة كانت مصر تخفض الجنيه فقط وتعود إلى نظام سعر الصرف الثابت، لكن هذه المرة تبدو الأمور مختلفة حيث سيترك البنك المركزي تسعير العملة المصرية للأسواق.
في هذه الحالة عند ارتفاع التصدير وتحويلات المغتربين والسياحة والإستثمار الخارجي سيتعافى الجنيه المصري وسيصبح قويا، وينبغي أن تكون الدولارات الداخلة إلى مصر أكبر من الخارجة منها كي يستمر ارتفاع العملة المصرية.
في المقابل إذا ارتفعت الواردات وتباطأت الصناعة المحلية وفشلت السياحة لن يتعافى الجنيه المصري، على العكس قد يستمر في الهبوط وقد يتدخل البنك المركزي المصري للحد من ذلك كما تفعل تركيا التي تعاني من هبوط عملتها، غير أن تلك الخطوة ستكون سيئة.
من الآن فصاعدا يفترض أن يتم تسعير الجنيه المصري بناء على عمليات الشراء والبيع له مقابل الدولار الأمريكي والعملات النقدية.
عندما تحول الدولارات إلى الجنيه المصري فأنت بصدد شراء العملة المحلية وبيع الدولار وبالتالي الرفع من قيمتها، وعندما تحول الجنيه إلى دولارات للسياحة أو الإستيراد أو للإستثمار في الأسواق العالمية أنت بصدد شراء الدولار وبيع الجنيه.
ما هي المشكلة التي يحلها تعويم الجنيه؟
في النظام القديم تواجه الحكومة تحديات في الحفاظ على سعر الصرف الثابت عندما تكون هناك فروق في العرض والطلب على العملة المحلية، لهذا يضطر البنك المركزي لاستخدام احتياطيات العملة الأجنبية بكميات كبيرة للتدخل في السوق والحفاظ على السعر الثابت، مما قد يؤثر على السيولة المالية ويؤدي إلى نقص في العملة الأجنبية.
ومن خلال تعويم الجنيه كليا يفترض أن ترتفع السياحة والإستثمار الخارجي وكذلك تحويلات المغتربين والاهم للمواطن استئناف الإستيراد بدون مشاكل وتوفير الدولار للشراء أونلاين.
وبالطبع فهذا ما يحدث، حيث وجه “المركزي” المصري يوجه بفتح حدود استخدامات بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية، إضافة إلى بدء الإفراج عن السلع المتكدسة في الموانئ المصرية، وستتلقى مصر 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي إضافة إلى عودة المستثمرين والممولين الدوليين إلى السوق المصرية.
جزء من مشكلة التضخم في مصر يعود إلى نقص الدولار لاستيراد البضائع والسلع من الأسواق الدولية، لهذا يفترض أن يساعد تعويم الجنيه في خفض الأسعار على المدى المتوسط والطويل.
إقرأ أيضا:
شرط أساسي كي يقضي تعويم الجنيه المصري على التضخم
لماذا تشتري الإمارات ودول الخليج الساحل المصري؟
خصخصة مطارات مصر قرار صائب: ما هي فوائده؟
ما مصير تعويم الجنيه المصري بعد صفقة رأس الحكمة؟
صفقة رأس الحكمة: الإمارات تنقذ مصر من الإفلاس مؤقتا
نزوح شعب غزة من رفح الفلسطينية إلى رفح المصرية قانوني
مصر: توقعات سعر الدولار بعد التعويم الجزئي الأول لعام 2024