مرة أخرى جدد الملياردير الأمريكي وارن بافيت مهاجمته لعملة بيتكوين، وهذا في مقابلة صحفية له مع شبكة CNBC ظهر الإثنين الماضي.
هذه المرة قال عن هذه العملة الرقمية المشفرة أنها وهم، وهو يؤمن بأن سقوطها إلى 0 واختفائها هي مسألة وقت فحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قال أن العملة جذابة للمشعوذين.
يأتي هذا الهجوم في وقت تعيش فيه العملة الرقمية المشفرة الأكبر في العالم وبقية منافساتها أزمة منذ 13 شهرا ينتظر أن تنتهي في وقت لاحق من هذا العام.
وتعمل الجهات الفاعلة في النظام المالي العالمي اليوم على وضع القوانين والتشريعات التي من شأنها أن تنظم هذا القطاع.
ورغم احترامنا للأستاذ وارن بافيت ولفلسفته الإستثمارية، أعتقد أن هجومه على هذه العملة فيها مبالغة كبيرة وجهل أيضا بهذا القطاع.
من حقه أن يفضل الأسهم حيث أنها قطاعه الرئيسي الذي يعمل فيه، لكن هذا لا يبرر له مهاجمة بيتكوين والعملات الرقمية، إلا إذا كان يفعل هذا من أجل التأثير السلبي على السعر ليشتريها بكميات جيدة، لكنه غالبا إن فعل ذلك سيؤثر ذلك سلبا على مصداقيته.
-
أخطأ سابقا بخصوص أمازون وجوجل
لدى وارن بافيت استثمارات كبيرة في كوكاكولا وشركة آبل والعديد من البنوك الأمريكية مثل جي بي مورغان، ومؤسسات الصفوة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ورفق شراء أسهم أمازون قبل أن تصل إلى المستويات الحالية ونفس الأمر مع أسهم شركة ألفابت مالكة جوجل.
وقد اعترف في احدى المقابلات الصحفية بأنه أخطأ بخصوص أمازون وجوجل ولم يستطع التنبؤ بالمستقبل الوردي لهما.
فهو يؤمن بأن آبل هي الأفضل وهي الشركة الجيدة التي يجب شراء أسهمها لأنها مربحة، بينما يبدو أنه قليل الإطلاع بالتجارة الإلكترونية وصناعة الإعلانات على الإنترنت لهذا تجنب شراء أسهم كل من أمازون وجوجل.
اليوم تفوقت مايكروسوفت في القيمة السوقية على آبل، بينما تواجه هذه الأخيرة منافسة قوية من أمازون وجوجل ويمكن للشركتين تجاوزها.
-
فلماذا إذن يجب أن نصدق نصيحته الآن
كلنا معرضين للخطأ، والسيد وارن بافيت ليس نبيا أو رسولا أو ملكا يوحى إليه بعض أنباء الغيب، لذا فإن بعض نائحه تحتاج منا إلى “التجاهل” فحسب.
ما يجعل نصيحته في مجال العملات الرقمية المشفرة ضعيفة، هو أنه لا علم له بهذا المجال ولم يجرب سابقا أن يشتري بعض العملات الرقمية المشفرة أو يتابع هذا المجال.
كل ما هو مقتنع به حسب علمنا، أن هذه العملة بما أنه لا وجود واقعي لها ولا توجد جهة مركزية خلفها فهي باطلة ومجرد وهم، متجاهلا التعدين والمجتمع الذي يعمل على تطويرها وتفاصيل أخرى.
لا يختلف هذا كثيرا عن قلة معرفته بالتجارة الإلكترونية وعدم رهانه على أمازون التي سبقت الجميع إلى هذا المجال، حيث لو استثمر منذ سنوات في هذه الشركة واشترى أسهمها لحقق ثروة أكبر الآن، وأجزم أنه سيتفوق على مؤسسها جيف بيزوس الذي يعد أغنى رجل في العالم الآن.
ونفس الأمر أيضا لعدم رهانه على جوجل، عملاقة صناعة الإعلانات على الإنترنت، حيث يجهل الكثير عن هذه الصناعة.
وارن بافيت يفهم أكثر في أن آبل شركة ناجحة وتستحق ان يراهن الشخص على أسهمها، وكذلك كوكاكولا والشركات التي تنتج الأغذية والمواد الاستهلاكية التي عليها اقبال كبير ومستمر.
-
شركة بيركشاير هاثاواي في ورطة
الشركة الخاصة به والتي يشتري من خلالها الأسهم ويزاول أنشطته الإستثمارية خسرت خلال الربع الأخير من 2018 حوالي 25.4 مليار دولار، وانخفضت أرباحها بحوالي 44.9 مليار دولار في العام السابق.
تواجه عملاقة الإستثمارات الأمريكية مشاكل عديدة وكان عام 2018 سيئا لها خصوصا في ظل تراجع الأسهم وخروج المؤشرات الرئيسية بخسائر عوض أرباح.
حاليا يراهن وارن بافيت على أن تستمر الصحوة الحالية في أسواق المال العالمية وان يصل داو جونز إلى 30000 نقطة هذا العام، ويتمنى ايضا أن لا تصبح الأزمة المالية العالمية المرتقبة حقيقة.
أعتقد أنه على الرجل الإهتمام أكثر بشركته الخاصة وأيضا بموضوع الركود الإقتصادي ومسألة الديون المتنامية والتهديدات الحقيقية للإقتصاد العالمي، أما بيتكوين والعملات الرقمية المشفرة فهي تعيش أزمة خاصة بها منذ 13 شهرا ولن تقضي الكثير في هذا الوضع لتحلق مجددا.
نهاية المقال:
الخطأ الذي ارتكبه وارن بافيت مع أمازون وجوجل هو نفسه الذي يرتكبه مع العملات الرقمية وفي مقدمتها بيتكوين، الملياردير الجاهل للتجارة الإلكترونية وصناعة الإعلانات على الإنترنت يؤكد جهله بالعملات الرقمية أيضا.