كل المؤشرات حاليا سلبية في شرق أوروبا، حيث يتصاعد الحديث حول حرب أوكرانيا وروسيا في ظل قيام موسكو بحشد أكثر من 100 ألف جندي على الحدود مع كييف.
لا تريد موسكو انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وهو خيار يلمح إليه الغرب، وهذا للرد على أحداث 2014 عندما تمكنت روسيا من غزو القرم وظهور انفصاليين سيطروا على مناطق شاسعة من شرق أوكرانيا وهم مواليين لروسيا.
هل تسعى روسيا حقًا لغزو أوكرانيا؟ إليك ما نعرفه حتى الآن.
ماذا تريد روسيا من الغرب؟
في الأساس، تريد القيادة الروسية إخضاع أوكرانيا مرة واحدة وإلى الأبد، تسعى روسيا إلى تحويل أوكرانيا إلى جزء من منطقة عازلة ذات سيادة محدودة، كما أوضح ذلك بوضوح فلاديمير بوتين للحماية من توسيع الناتو والتعديات الأجنبية المتصورة.
لأن أوكرانيا تريد أن تنضم إلى الناتو فقد أغضب هذا الطلب موسكو التي تطالب بضمانات من الغرب لعدم السماح بانضمام هذه الدولة إلى الحلف الغربي، سيعني هذا أن هناك دولة جارة على الحدود تنتمي إلى المعسكر الذي يعادي روسيا منذ أيام الإتحاد السوفياتي، وسيكون من الممكن حينها لأوكرانيا نشر بطاريات الصواريخ الأمريكية وأنظمة دفاعية وأنظمة تجسس تستهدف الأمن القومي لروسيا.
تهدد روسيا بالحرب العسكرية إذا لم تنجح الديبلوماسية في التوصل إلى اتفاق بين موسكو وواشنطن ينص صراحة على أن أوكرانيا غير مرغوب بها في الناتو ولن تدخل إليه أبدا.
وتدعم روسيا الإنفصاليين الموجودين على الأراضي الأوكرانية والذين سيطروا على مناطق في الحدود الروسية الأوكرانية وهم مسلحين عسكريا.
توتر العلاقات بين الروسية الأوكرانية
لا تخفي موسكو سعيها لاستعادة الجمهوريات التي انفصلت عن الإتحاد السوفياتي بعد سقوطه الرسمي عام 1991، وهي تحلم باستعادة الأمجاد القديمة.
لقد أظهرت موسكو استعدادها للتحرك العسكري السريع، سواء في سوريا الموالية لها من خلال تحالف مشترك منذ عهد الراحل حافظ الأسد، أو في كازاخستان حيث تدخلت عسكريا قبل أيام للحفاظ على المطارات والمنشآت الأساسية في حركة أقلقت واشنطن وبكين وأنقرة، قبل أن تعلن روسيا عودة الهدوء ونجاح مهمتها.
ويعد أنبوب الغاز نورد ستريم 2 موضوع توتر اقتصادي وسياسي عظيم بين روسيا وأوكرانيا، حيث سيزيد هذا الأنبوب من صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا وهو مهم، كما أنه لن يمر عبر أراضي أوكرانيا ويهدد أحد الأنابيب التي تمر عبر الأراضي الأوكرانية حاليا.
بالطبع من مصلحة روسيا إيقاف تصدير الغاز عبر أوكرانيا مع تشغيل نورد ستريم 2، لكن الأخير تعارضه واشنطن التي تريد اقناع ألمانيا بالبحث عن بدائل أفضل للغاز الروسي.
كيف سيعاقب الغرب روسيا إذا تمكنت من غزو أوكرانيا؟
لن يكون غزو أوكرانيا سهلا بالنسبة لروسيا، فدفع 100 ألف جندي لا يكفي لغزو البلاد كلها لكن ستتمكن روسيا من السيطرة على مساحات شائعة في شرق أوكرانيا لبناء دولة مستقلة بها تكون موالية لروسيا وحصنا من توسع الناتو شرقا.
يهدد الغرب بسلسلة من العقوبات القاسية ضد روسيا، أولها أنه لن يتم تشغيل نورد ستريم 2، فيما تبحث الولايات المتحدة عن مساعدة أوروبا لزيادة واردات الغاز القطري وربما تدعم مشروعا عملاقا للغاز من نيجيريا إلى أوروبا يمر عبر السنغال وموريتانيا والمغرب.
ومن العقوبات الأخرى منع المنتجات الروسية في الأسواق العالمية وطردها من النظام البنكي العالمي، وقد يتعرض الروبل الروسي لسقوط أكبر من معاناته التاريخية.
وتدعم اسبانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة القوات الأوكرانية بالأسلحة والأنظمة الدفاعية، كما أن تركيا تزود أوكرانيا بالأسلحة لمواجهة الدب الروسي.
هل حرب أوكرانيا وروسيا واردة؟
بالنظر إلى سجل الجيش الروسي في السنوات الماضية، من الواضح أن موسكو جادة في تهديداتها، لقد شنت حربا ضد جورجيا في أغسطس 2008، ونجحت في غزو القرم خلال فبراير 2014، وأرسلت قوات عسكرية إلى سوريا وكازاخستان.
لهذا منطقيا تبدو الحرب واردة، لكن روسيا البراغماتية تبحث عن مكاسب من خلال التهديد بالحرب وهو أمر يعرفه جيدا الخبراء العسكريون والمحللون.
حالة التوتر الحالية يفترض أن تدفع الناتو لعقد صفقة مع روسيا، لكن الولايات المتحدة الأمريكية حازمة في أمرها ولا تريد ترك أوكرانيا لروسيا.
إذا فشلت الدبلوماسية في حل الأزمة الحالية، ستحدث حربا عسكرية، لكن لا نعتقد أنها ستكون طويلة الأمد، ولن تشارك بها القوى الكبرى ولن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة.
ما يقلق الخبراء حقًا هو أن الحكومة الروسية قد رفعت مطالبها بشكل كبير، وبشكل قاطع بحيث سيكون من الصعب جدًا عليهم الآن العودة إلى ديارهم بدون التوصل إلى مكاسب أو غزو عسكري.
إقرأ ايضا:
حرب أوكرانيا وروسيا وأزمة القمح الكبرى
تكاليف الحرب الهجينة في أوكرانيا وصراع دونباس
كم تكلفة السياحة في أوكرانيا بالتفاصيل؟
توقعات الحروب القادمة: 4 حروب تهدد الإقتصاد العالمي 2022
حرب روسيا وأوكرانيا وغاز نورد ستريم 2