ليس هناك أسوأ من شركة ذات هوية غامضة لا يمكنك وصفها بدقة ولا تعرف ما القيمة التي تقدمها وفي أي مجال بالضبط تنافس، وهي تقدم الخدمات والمنتجات بناء على متطلبات السوق وليس بناء على القيمة التي تضيفها للمجتمع والعملاء والمستهلكين والبيئة التي تتواجد فيها.
الشركات الناجحة والأكثر تأثيرا في العالم نعرفها جميعها ونعرف أيضا ما المجال الذي تنافسه وما هي المنتجات الذي تقدمها وما المطلوب منها وما ضرورتها بالنسبة لنا.
لكن الشركات التي تغرق في الأزمات والتي فقدت طريقها وانتهى مجدها قد يكون السبب وراء ذلك هو أنها لم تعد تعرف نفسها، وما الغاية مما تقدمه لنا.
في هذا الصدد لدينا ابرز مثالين، وهما ياهو و تويتر الأول ودعناه مؤخرا واصبحا ملكا لشركة فيرايزون والثاني سيلقى حتما نفس المصير ويعاني من نفس مشكلة الأول وهو صعوبة وغموض تحديد هوية الشركة وهو ما تطرقنا إليه في مقال تويتر تنفي أنها شبكة اجتماعية وتسقط في نفس خطأ ياهو.
في السنوات الأخيرة ومع توسع ياهو ومحاولتها المنافسة بقوة واستعادة مجد أيامها نافست على أكثر من مجال واطلقت أكثر من منتج حتى أننا لم نعد نعرف ما الهدف من كل هذه المنتجات؟ ما هو المشروع أو القيمة التي تريد الشركة تقديمها لنا.
ونفس الأمر أيضا لشركة تويتر المعروفة بأنها شبكة اجتماعية منافسة لفيس بوك، ها هي أخيرا تؤكد لنا انها ليست موقع تواصل اجتماعي بل منصة اخبارية نتابع فيها الأخبار العاجلة والأحداث في الوقت الفعلي!
على النقيض فإن فيس بوك لديه استراتيجية واضحة وهوية معروفة للداني والقاصي وهي شركة تعرف ما القيمة التي تقدمها وما هي أهدافها وإلى أين تسير أيضا ومن هم منافسوها الحقيقيون؟ ومن هم منافسوها بشكل غير مباشر.
- تحديد هوية الشركة ضروري وأساسي.
الحقيقة أن تحديد هوية الشركة الخاصة بك يساعدك كثيرا في اتخاد القرارات وابتكار المنتجات والمنافسة ومعرفة كل التفاصيل الخاصة بمجالك والتصرف بشكل صحيح.
بالنسبة لشركة اتصالات فهويتها معروفة للجميع والقيمة التي تقدمها أيضا محددة وهي المنافسة في قطاع الاتصالات وتقديم أفضل خدمات الجوال واتصال الانترنت والتلفزيون حسب الطلب، ويمكنها أيضا أن تتوسع إلى تقديم تطبيقات الدردشة لتنافس شركات خدمات الإنترنت التي تنافسها فعلا.
وبالنسبة لشركة إعلامية لديها الكثير من المواقع الإخبارية على الإنترنت فهي الأخرى تعرف جيدا مجالها وما القيمة التي تقدمها وهويتها معروفة للجميع.
لكن شركة تحمل اسما محددا وتنافس في أي مجال عليه طلب وتقدم تارة هواتف ذكية واخرى تطلق مواقع اخبارية وليس لديها رسالة محددة من خدماتها ومنتجاتها فهي لن تنافس بقوة وستتعرض للتشتت ولا يمكنها تصدر مجال بحذ ذاته، وهذا ما حدث مع ياهو التي تنافس في أكثر مجال دون السيطرة على مجال واحد لتنتقل من إطلاق خدمة إلى إغلاق أخرى دون ان تحقق السيطرة التي تضمن لها العائدات القوية والاستقرار الحقيقي.
على عكس جوجل فهو متصدر محركات البحث ولديه أيضا أندرويد الشهير والناجح وإلى جانب ذلك فهي متصدرة خدمات البريد الإلكترونية ومشاركة الفيديوهات على الإنترنت والخرائط وخدمات كثيرة وعديدة ناجحة لم تتوسع من الأولى نحو الثانية حتى حققت أولا النجاح.
- تحديد الهوية بمثابة تحديد الأهداف بدقة والتركيز على تنفيذها
لدى فيس بوك استراتيجية اساها الهوية التي تميزه فعلا وهي تحقيق التواصل بين الناس وتوفير الأدوات لذلك ونشر الإنترنت، لهذا إذا ركزت على كل خدمات وتطبيقات هذه الشركة فهي تحاول تحقيق هذه الأهداف.
كان بإمكان فيس بوك الإستحواذ على ياهو للحصول على بوابة اخبارية ضخمة والتوسع من خلال المزيد من الخدمات التي ستحصل عليها، لكن هذه الإغراءات لم تكن كافية للشركة للاقتناع بالتحرك نحو شراء ياهو رغم أنها ستستفيد من ذلك وفضلت تجنب هذه الخطوة رغم أنه يمكن قراءة عدم قيامها بذلك على أنها خسارة لها.
على العكس تحركت فيس بوك سريعا للاستحواذ على واتساب لأنه سيشكل اضافية قوية للشركة ويخدم هويتها التي تتجلى في تسهيل التواصل بين الناس، وقد تحركت سابقا أيضا للاستحواذ على سناب شات ولكن هذا الأخير رفض عروض الاستحواذ عليه.
هذا يعني ان القائمون على فيس بوك يعرفون جيدا ما هم عليه وما الذي يحتاجون إليه وما هي أهدافهم وإلى أين هم ذاهبون لهذا لم تشتت ياهو انتباههم وتجاهلوا سقوطها.
- عدم تحديد الهوية أو غموضها يضع المستثمرين في حيرة
إنها حقيقة، عدم تحديد هوية لن يكون مشكلة إلا عندما تعرض الشركة للاكتتاب وتنضم إلى البورصة ويصبح لدى شركتك مستثمرين حينها سيتساءلون عن القيمة التي تقدمها؟ ما الغرض من هذه الشركة؟ ما هو الرابط بين كل منتجاتها؟ وكل هذا ليعرفوا حقيقة ماذا يحدث وواقع السوق الذي تعمل فيه الشركة ليسهل عليهم اتخاذ القرارات بتوسيع استثماراتهم في الشركة أم القيام ببيع الأسهم والرحيل.
هذا ما حدث كثيرا مع ياهو التي فقدت 120 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ 2000 إلى 2016 خصوصا في 7 سنوات الأخيرة.
وهذا ما يحدث أيضا مع تويتر التي كان سعر سهمها 70 دولار خلال يناير 2014 وأصبح اليوم 15.77 دولار، فالمستثمرون يشعرون بالغموض ولا يعرفون إلى أين تسير الشركة وكيف ستعالج مشكلة تباطؤ المستخدمين النشيطين وبالتالي العائدات التي تحققها.
- ما من حل سوى تحديد ماهية الرسالة من منتجات شركتك وتعريفها بوضوح
بالنسبة لأصحاب الشركات الناشئة عليهم مراجعة أنفسهم حقيقة وطرح العديد من الأسئلة للحصول على أجوبة صريحة، ما هي القيمة التي تقدمها الشركة؟ ما العلاقة بين منتجاتها؟ ما هو مجالها أو السوق الذي تتنافس فيه؟ ماذا تريد أن تقدمه وما هي المشكلة التي تحلها؟ إلى أين تتجه وما هي الرؤية المستقبلية؟
إذا وجدت أن هذه الأسئلة صعبة وجلست مع زملائك في الشركة الخاصة بك ولم تتوصل إلى أجوبة واضحة كن على يقين أنك تسير على الطريق الخاطئ وسيأتي اليوم الذي ستدفع فيه الثمن غاليا وغالبا بعد انضمامها إلى البورصة وقد يكون ذلك أيضا العائق من أن تستمر الشركة أساسا.
في النهاية لا تنسى أن تتابع سلسلة إدارة الأزمات ومشاركة المقالات التي تعجبك على الشبكات الإجتماعية مع أصدقائك.