منذ نوفمبر الماضي، وعلى إثر أزمة الكركرات التي تسببت فيها مليشيات البوليساريو المدعومة من الجزائر، تغير موقفنا من البلد الجار نحو الأسوأ.
هذه الأزمة كشفت لنا حقيقة قادة هذا البلد وجزء مهم من شعبه، كل ما يهمهم هو التآمر على الجار الغربي ومحاولة تقسيمه، تحث شعار نصرة الشعب الصحراوي لتقرير مصيره.
منذ ذلك الحين سلطنا الضوء على الأزمة الإقتصادية في هذا البلد، وهي التي ذكرناها في العديد من التقارير سابقا، لكن هذا البلد وصل حاليا إلى مرحلة حرجة.
نريد من ذلك أن نخبر الشعب الجزائري والقادة في الجزائر بأهمية التركيز على تنمية اقتصادهم، وأنه يتعين عليهم تغيير سياستهم الداخلية والخارجية والتقارب مع المغرب وبقية الجيران.
مصلحة الجزائر هي في التعاون مع المغرب، أما رفض ذلك والتآمر على وحدته الترابية فهي مضيعة للوقت والمال والموارد في وقت تحقق فيه الأزمة الإقتصادية تقدما على شعب رخائهم وأمنهم القومي.
قد يتوهم بعض الجزائريين أن ما يحصل في بلدهم يحصل في بقية دول العالم، أزمة الحليب وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسب عالية وانهيار العملة لا تحدث إلا في الدول التي تنهار بقوة.
لقد خسر العالم العربي من قبل ليبيا واليمن وسوريا والعراق ولبنان والسودان، حيث تعاني شعوب هذه الدول التي تستحق فرصة أفضل، وللأسف تسير الجزائر على الطريق نفسه.
في شمال أفريقيا الصورة مضطربة فعلا، ففي وقت يحرز فيه المغرب تقدما في الديبلوماسية والملف الإقتصادي، وتتعافى مصر من فوضى الربيع العربي، فشلت تونس اقتصاديا، وأصبحت ليبيا ساحة صراع دولية، الجزائر تعاني مع انهيار النفط وفشل سياساتها، أما موريتانيا فهي مهمشة.
عن أي اتحاد دول شمال أفريقيا سنتحدث، وهو مشروع طموح سيكون بمثابة جسر أفضل نحو المستقبل لأكثر من 200 مليون نسمة، وللأسف أفشلته الجزائر بشهادة المغاربة والتونسيين وحتى العقلاء في مصر وليبيا.
لكن هذا الفشل لن يكون للأبد، إذا تغير القيادة في الجزائر أو غيرت عقليتها، واختارت الإنفتاح على المغرب، فإن قادة المملكة لن ترفض الشراكة.
التاريخ شاهد على المبادرات المغربية للتقارب مع الجزائر، لكن هذه الأخيرة رغم ترحيبها، تعتبر الصحراء الغربية دولة مستقلة عن المغرب.
كل هذا في الواقع ليس بسبب المستعمر الفرنسي الذي ترك ثغرات الحدود قنابل موقوتة بين البلدين، لكن لأن القادة الجزائريين يخشون مطالبة المغرب بالصحراء الشرقية، والمشكلة بدأت منذ ترسيم الحدود ومطالبة المغرب الجارة ببعض أراضيه السابقة.
حاليا لا يطالب المغرب بأكثر مما لديه، وكل ما هو مطلوب من الجار الشرقي، هو التخلي عن دعم الإنفصاليين، وهؤلاء من تاب منهم واختار العودة لبلده فلن يصيبه مكروه.
إذا تخلى بلد المليون شهيد عن ذلك، ورأى أن وحدة المغرب في مصلحته، وأن تقسيم الدول هي في الأصل خطة وإرادة المستعمر القديم، وأن الإتحاد قوة، فإن تطبيع العلاقات بين الجارين ستصبح سهلة.
يعلم عقلاء الجزائر هذا جيدا، ويعلم هؤلاء أيضا أن السياسات الحالية لهذا البلد ستحوله إلى بلد معزول متخلف محظور ومتهم بممارسة العدوانية مع جيرانه.
فلا تزال العقلية التي تحكم هذا البلد عقلية الإتحاد السوفياتي والذي انتهى بأزمة اقتصادية خانقة، وهي العقلية التي تخلت عنها روسيا الإتحادية منذ عقود.
حتى الصين الشيوعية تنهج اقتصاد السوق مع بعض التحكم، لكن الوضع في الجزائر يشبه كوبا كاسترو ودول منغلقة مهزومة وضعيفة.
الطريق الذي يسير فيه هذا البلد لن يؤدي بشعبه إلى مستقبل أفضل، في الواقع سينتهي بهم المطاف كدولة فنزويلا، انهيار اقتصادي وفقر وهجرة جماعية نحو أوروبا ودول مجاورة، أو مثل سوريا حرب أهلية وإرهاب خصوصا إذا اختار الشعب الثورة ضد الوضع وقاومت السلطات بالعنف التغيير.
ليس من مصلحتنا تدمير الجزائر وتشريد أهلها، لأننا إذا خسرنا هذا البلد فإن الفوضى في شمال أفريقيا ستضر الجميع، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، أنظر إلى التأثير السلبي لدمار سوريا على كل من تركيا والأردن ولبنان والعراق، وستعرف عن ما أتكلم.
إقرأ أيضا:
أزمة الحليب في الجزائر تبرز تقدم الأزمة الإقتصادية
الجزائر والرهان على النفط: عندما يستنجد الغريق بغريق آخر
لا يا صبري بوقادوم الجزائر ليست دولة قوية
لماذا فشلت صناعة السيارات في الجزائر ونجحت في المغرب؟
انهيار اقتصاد الجزائر … فنزويلا أم سوريا جديدة؟