
تمر صناعة النفط في العالم بأزمة حقيقية أثرت على بلدان نفطية بأكملها وهذا في ظل استمرار تراجع أسعار هذه المادية الحيوية خلال الأشهر الأخيرة، وتعد فنزويلا و نيجيريا إلى جانب السعودية من أبرز الدول المتضررة وانعكس ذلك على اقتصاداتها بشكل واضح.
بالطبع فإن الأزمات في هذه البلدان تختلف في مدى قوتها والأضرار التي ألحقتها بالإقتصادات حسب قدرات كل واحدة منها والمعطيات المختلفة الأخرى.
فنزويلا وصلت إلى مرحلة سيئة جدا أشعل التوتر السياسي في البلاد وسقط الآلاف من العائلات في وحل الفقر المدفع والمجاعة، وقد تناولنا أزمة فنزويلا الإقتصادية سابقا.
وفي نيجيريا دفع ذلك البلاد إلى تعويم عملتها المحلية وهي تبحث عن أسواق جديدة لنفطها والغاز الذي تنتجه أيضا وتزخر به.
أما في السعودية فإن هذا قد دفع المملكة لتبني رؤية 2030 التي تجعل من قطاع النفط ثانويا في العائدات التي تحققها البلاد.
كل هذه البلدان وضعت موازنتها الرسمية بناء على سعر مقدر منها يجب أن يكون سعر النفط تحث ذلك السعر المحدد كي لا تتضرر بالمزيد من العجز المالي.
لكن هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تعيد لهذا القطاع بريقه بوصول سعر البرميل الواحد إلى 120 دولار وهو ما أكده مدير الاستثمار بقسم أسواق الأسهم الأوروبية التابع لشركة Allianz Global Investors في مقابلة صحفية مع CNBC.
-
مخاطر حقيقية تهدد بتراجع المعروض من النفط
في المقابلة الصحفية أكد السيد Neil Dwane أن هناك العديد من المخاطر التي من شأنها أن تؤدي سريعا إلى تراجع المعروض وبالتالي ارتفاع أسعار النفط.
البداية من فنزويلا حيث هناك مخاطر من توقف وصول مليون برميل من انتاجها اليومي إلى الأسواق العالمية، في ظل التوتر الكبير الذي تعيشه البلاد والصراعات التي تتخذ أحيانا طابعا مسلحا بين المعارضة والنظام.
من جهة أخرى يمر النفط المكسيكي والأذربيجاني من فترة عدم استقرار، قد تعقبها تراجع الانتاج أو شبه توقفه لفترات معينة.
أما الإنتاج الصيني من النفط فهو مستمر في التراجع بوثيرة متسارعة، ومن المعلوم أن الصين هي واحدة من منتجي النفط رغم أنها تستورده كثيرا ومن في مقدمة البلدان المستوردة.
-
المخاطر الجيوسياسية أخدة في النمو
وأضاف السيد Neil Dwane أن هناك الكثير من المخاطر الجيوسياسية التي يعيشها العالم والتي من شأنها أن تدفع أسعار النفط نحو الأعلى.
ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تواصل انتاج النفط الصخري وقد حققت الشركات العاملة في هذا المجال نجاحات كبيرة وارتفع الانتاج منه منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة وهو من أسباب تعمق أزمة النفط في العالم، إلا أن النفط الخليجي والنيجيري والروسي والفنزويلي المكسيكي مهم للغاية ونقص المعروض منه سيشعل الأسعار مجددا.
وأضاف أنه في حالة استمرار الوضع الحالي وتراجع المعروض فقد تقفز أسعار البرميل إلى 120 دولار، لكن أضاف أنه منطقيا ستصل إلى 80 دولار على الأقل.
-
جهود أوبك لخفض الإنتاج متواصلة
وتأمل دول أوبك في الخروج من الأزمة الراهنة عبر تخفيض الإنتاج وتوزيع حصص الدول المنتجة في السوق بطريقة عادلة، وهناك العديد من الدول المقتنعة بهذه السياسة منها روسيا والمملكة السعودية غير أن ليبيا عمدت خلال الشهر الماضي إلى رفع الإنتاج بحوالي 80 ألف برميل وهو ما أقلق بقية الدول المنتجة.
ولطالما اشتكت دول أوبك من تدني أسعار النفط بصورة كبيرة بالنسبة لها ما أثر على عائداتها وميزانياتها واقتصاداتها بصورة واضحة.
وتراهن المنظمة على خفض المعروض من أجل الرفع من الأسعار مجددا لتصل إلى 80 دولار على الأقل وهو سعر جيد بالنسبة للمنتجين.
نهاية المقال:
هناك احتمالات كبيرة لتنتهي أزمة النفط خلال الفترة القادمة وتستعيد الدول المنتجة للنفط بريقها المفقود، الأزمة الحالية تعد الأخطر في تاريخ هذه الدول فقد أوصلت فنزويلا إلى شبه إفلاس وأسقطت نيجيريا بينما تضغط بقوة على الجزائر والعراق والمكسيك وروسيا ومختلف المنتجين الآخرين، وبالطبع فإن المملكة السعودية هي من كبار الخاسرين في هذه الأزمة وهو ما دفعها للإسراع في تنويع عائداتها في سباق مثير ومستمر مع الأزمة الإقتصادية.