سيكون من قبيل التبسيط القول إن الكثير قد تغير منذ رئاسة لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الناجحة اقتصاديًا نسبيًا للفترة 2003-2010، السؤال حاليا هو ما إذا كان تفكير لولا الإقتصادي قد تغير مع مرور الوقت، لأنه إذا كان سيحصل على رئاسة اقتصادية ناجحة هذه المرة فسوف يحتاج إلى التفكير بشكل مختلف.
سيحدد الوقت ما إذا كان لولا قد تعلم من الرئاسة الإقتصادية الكارثية لديلما روسيف، خليفته في حزب العمال، تلك الرئيسة، التي اتسمت بالإسراف المالي والفساد، أنتجت أسوأ ركود اقتصادي في البرازيل بعد الحرب في 2015-2016، كما أنها كانت مصدرًا رئيسيًا لمشاكل الميزانية الحالية للبلاد.
إذا لم يتغير تفكير لولا الإقتصادي، فقد تدخل البرازيل في جولة أخرى من الإنتكاسات الاقتصادية الصعبة، نأمل بالنسبة للبرازيل وبقية الاقتصاد العالمي ألا يكون هذا هو الحال.
إن المشاكل الاقتصادية في أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية هي آخر ما يحتاجه الإقتصاد العالمي الذي يواجه تحديات كبيرة الآن ولهذا السبب تعد الانتخابات الرئاسية في البرازيل مهمة ومؤثرة.
كانت المالية العامة للبرازيل في حالة جيدة في فترة رئاسته السابقة، ولكن عندما يتولى لولا منصبه في الأول من يناير 2023، سيجد المالية العامة لبلاده في حالة من الفوضى.
مع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تقترب من 80٪، أثيرت أسئلة حول استدامة ديون الدولة، وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من 90٪ من الميزانية مخصصة للإنفاق الإلزامي، مما يترك لولا مجالًا صغيرًا للمناورة في سياسة الميزانية، في غضون ذلك يبلغ معدل التضخم 9٪.
قدم لولا العديد من الوعود خلال الحملة الانتخابية والتي من شأنها أن تزيد من تعرض المالية العامة للبلاد للخطر وتزيد من التضخم، ووعد بزيادة التحويلات الاجتماعية وتوسيع مخطط الإسكان الاجتماعي وإدخال برنامج الإعفاء من الديون.
كما أشار إلى أنه يعتبر الحكومة المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي وأنه يود أن يرى قاعدة مالية أكثر مرونة بدلاً من العودة إلى سقف الإنفاق العام.
تمت رئاسة لولا السابقة على خلفية اقتصادية دولية معتدلة نسبيًا سمحت للبرازيل بركوب موجة أسعار السلع الدولية الفائقة، إنه الآن يتولى منصبه في وقت اقتصادي دولي أكثر صعوبة.
يقود وباء كورونا وقطاع العقارات تباطؤًا حادًا في الصين، أكبر مستهلك للسلع الدولية في العالم، هذا إلى جانب التهديد بركود اقتصادي وشيك في أكبر الديمقراطيات المتقدمة في العالم، من المرجح أن يؤدي إلى ضغط هبوطي كبير على أسعار السلع الدولية ويقلل الطلب على الصادرات البرازيلية.
في الوقت نفسه تؤدي سياسة الاحتياطي الفيدرالي العدوانية إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، وارتفاع الدولار، وتوترات في أسواق المال الأمريكية والعالمية، ومن المرجح أن يؤدي ذلك بدوره إلى استمرار إعادة رأس المال من البرازيل إلى الولايات المتحدة، مما قد يعقد التمويل غير التضخمي لعجز الميزانية.
ولا ينبغي أن ننسى أن الكونغرس البرازيلي هذه المرة ليس تحث سيطرته، وبدلاً من ذلك سيتولى المشرعون المتحالفون مع الرئيس المنتهية ولايته جاير بولسونارو قيادة هذا المجلس، ومن المؤكد أن هذا قد يجعل من الصعب على لولا إدخال زيادات ضريبية أو تخفيضات في الإنفاق العام قد تساعد في وضع المالية العامة على أسس أفضل.
ومع ذلك، فإن عدم وجود أغلبية في الكونغرس من المرجح أن يمنع لولا من الوفاء بالأجزاء الأكثر راديكالية من وعود حملته الاقتصادية التي من شأنها أن تعرض المالية العامة للبلاد للخطر بشكل أكبر.
في عام 2003، عندما تولى لولا الرئاسة آخر مرة، توقع العديد من النقاد أن البرازيل كانت في طريقها إلى كارثة اقتصادية في ظل زعيم سياسي يساري متطرف غير مسؤول، أربك لولا منتقديه باتباعه سياسة الاقتصاد الكلي الحكيمة التي ساعدت على تقوية المالية العامة للبلاد والتي جلبت مكاسب اقتصادية للبلاد.
علينا أن نأمل أن يدرك لولا هذه المرة التحديات الاقتصادية الأكثر صعوبة التي تنتظره وأن يتجنب الأخطاء السياسية الجسيمة لرئاسة روسيف والتي كلفت البلاد غالياً، إذا لم يكن الأمر كذلك فقد تثبت البرازيل وبقية أمريكا اللاتينية أنها مصدر غير مرحب به للضعف الاقتصادي الدولي.
إقرأ أيضا:
قصة أزمة إقتصاد البرازيل وإقالة الرئيسة المخادعة ديلما روسيف
بعد تجويع فنزويلا: الأزمة الإقتصادية تضع قدما في الأرجنتين وتحاصر البرازيل
تجارة عيد الأضحى بقيادة البرازيل والدول غير الإسلامية
كرنفال البرازيل … أرقام حول الإقتصاد والسياحة
لهذه الأسباب ستنسحب الهند من مجموعة بريكس