
نحن الآن في عام 2022، لقد مضى حاليا 4 سنوات تقريبا على تحول تراجع الليرة التركية إلى أزمة وهو ما حدث خلال أغسطس 2018، إذا كنت تبحث عن الهجرة إلى تركيا للعمل فمن الأفضل لك أن تفكر مرة أخرى.
تركيا التي تسمع عنها كقوة صاعدة ومزدهرة انتهت، والمسؤول عن ذلك هو نفس الشخص الذي ساعد على نهضتها، ونعم نتحدث عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
هجرة الأتراك إلى دول أفضل
بينما يفكر الكثير من العرب في الهجرة إلى تركيا للعمل، هاجر خلال عام 2019 لوحده 330 ألف تركي إلى بلدان أخرى للعمل والعيش بشكل أفضل، وهذا حسب معهد الإحصاء التركي الرسمي والذي يؤكد أنه زيادة بنسبة 2 في المئة عن 2018.
تبقى الهجرة والبحث عن وضع أفضل من حقك تماما، ونحن في مجلة أمناي، لا ننصحك بالبحث حاليا في تركيا لأنه من الخطأ ان تذهب إلى بلد يهرب منه الكثير من مواطنيه.
الوضع أصبح سيئا مقارنة بعام 2019، حيث تراجعت الليرة من المستوى 4 مقابل الدولار إلى 14 ليرة لكل دولار، وهذا الإنهيار كبير ويجعلها أسوأ عملة ضمن الأسواق الناشئة والنامية.
وبينما ينظر البعض إلى أن هذا الإنهيار يمنح الشركات التركية أفضلية في الأسواق العالمية وأن العمل في مجال التصدير مربح للغاية، إلا أن الواقع يقول بأن الشركات المصدرة تحتفظ بالدولارات عادة، بينما تلك التي تحتفظ بالعملة المحلية تضررت كثيرا.
تشتري الشركات التركية المواد الخام والطاقة والتي يتم استيرادها، وهو ما ضغط على هامش أرباحها ودفعها لزيادة الأسعار، في وقت تتنامى فيها ديونها.
كل هذه الظروف جعلت المواطن التركي يبحث عن العمل في دول أخرى والإستقرار هناك، وهذا لأن العملة المحلية تفقد قيمتها بشكل متسارع ما يجعل الأجور الحالية عديمة الفائدة أمام التضخم المتنامي.
تركيا بلد الطوابير على الخبز
لاحظت وسائل الإعلام والمراقبين أنه في المدن الكبرى والصغرى، هناك اقبال من المواطنين على شراء الخبز المدعوم، فيما تراجع الإقبال بشكل مهم على اللحوم الحمراء.
وبدأت تركيا بزيادة أسعار الكهرباء هذا العام بين 52% و130% للأسر، وتستهدف السلطات التحول إلى نظام تعريفة وسعر استهلاك محدد بشكل تدريجي.
وتضغط التكاليف المتزايدة على المواطن العادي وكذلك المقيمين ممن كانوا يعتقدون أنهم انتقلوا لبلد أفضل، والواقع سيء للغاية بشكل ملحوظ.
وبالطبع هناك فرق، إذا كنت تأخذ راتبك من الشركات الأجنبية وتعمل عن بعد بالدولار، فقد لا يكون الوضع بالنسبة لك مؤلما كما هو الحال للمواطن والمقيم العادي.
أكثر من 70% يحلمون بالعيش في الخارج
تشير البيانات الرسمية التي معهد الإحصاء التركي مؤخرا، حيث استطلع آراء شريحة من المواطنين الشباب من الفئة العمرية 25 – 29 عاما، أن 76 في المئة منهم يرعبون في الهجرة لدول توفر لهم ظروف حياة أفضل.
لقد تمكنت مولودة أغسطس 2018 من جعل 76 في المئة من الشباب التركي مستعدون للعيش في بلاد أخرى، إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت.
تشكل هذه الإحصائية صدمة لمن يتغنى بمسألة الهجرة إلى تركيا للعمل، حيث أن الأتراك أنفسهم يبحثون عن بلد أفضل، وهو ما يعني أن تركيا دخلت إلى نفق مظلم.
تشعر دول أوروبا بالقلق من هذه الإحصائية لأن هذا يعني هجرة الملايين من الأتراك والمقيمين بطرق غير شرعية إلى دول الإتحاد الأوروبي وعادة ما تستخدم الحكومة التركية هذه الفزاعة من أجل تهديد حلفائها الأوروبيين.
وقالت بيرنا أقدنيز ذات الـ 28 عاما وطالبة الدكتوراه في العاصمة التركية أنقرة لوسائل اعلام بريطانية: “أريد أن أظل هنا، لأن هذا هو وطني، ولكنني أرغب بالرحيل أيضا لأني أتوق للعيش كما يعيش البشر”.
وتعاني بيرنا من الصمم، وهي تعتمد على جهاز سمع إلكتروني زرع في أذنها الداخلية والذي تستخدمه للتواصل مع محيطها، ولأن هذه الأجهزة تستوردها تركيا فقد ارتفعت أسعارها، والأسوأ من ذلك أن الشركة التي تستخدم منتجاتها قررت التوقف عن استيراد تلك الأجهزة بداية من الشهر الحالي بسبب انهيار الليرة وعدم المقدرة على استيراد المنتجات.
وليس واضحا إن كانت تلك الشركة ستحصل على دعم حكومي كي تستمر في عملها، لكن فشلها يشكل ضربة قوية لأمثال بيرنا في تركيا.
يميل الأتراك للهجرة غربا نحو أوروبا، حيث هناك فرص في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأمر صعب في ظل أزمة كورونا.
الهجرة إلى تركيا للعمل مخاطرة كبيرة
سيكون على المهاجر إلى تركيا تحويل مدخراته إلى الليرة من أجل تسوية وضعه، وبناء على ذلك هو يعرض نفسه ليعيش ظروفا سيئة وربما أسوأ مما عاشه في بلده.
وتختلف الدعاية التركية من خلال وسائل الإعلام عن الواقع هناك، ويمكنك أن تسأل ببساطة العرب المقيمين هناك، إذا كانوا صادقين معك سيخبرونك بالمشاكل والتحديات، وإذا كانوا يريدون أن تقع في نفس الفخ سيزينون لك الأمر.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات في تركيا بنسبة 44٪ على أساس سنوي، وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 13.58٪ في ديسمبر وحده وفقًا لمعهد الإحصاء التركي.
يتوقع بعض الإقتصاديين أن يصل التضخم إلى 50٪ بنهاية الربع الأول من عام 2022 إذا لم يتم عكس السياسة النقدية التركية التي يُنظر إليها على أنها تفتقر بشدة إلى الاستقلال ويسيطر عليها أردوغان.
رغم تقليل خسائر الليرة التركية في أواخر الشهر الماضي بعد قرارات أردوغان، إلا أن الليرة تعاود النزيف مجددا، وقد افتتحت هذا العام على انخفاض تجاوز 5 في المئة.
وقد أكدنا أن قرارات الرئيس هي زيادة أسعار الفائدة بشكل غير مباشر، ووفق منهجية استخدمتها تركيا من قبل وأدت إلى انهيار كبير في أوائل القرن الحالي، وقد يعيد التاريخ نفسه.
إقرأ أيضا:
الطريق إلى كارثة افلاس تركيا قبل عام 2025
قناة السويس ستخسر التجارة بين الإمارات وتركيا لصالح ايران
أزمة انهيار عملات مصر ورومانيا وتركيا وسريلانكا في 2022
زيارة محمد بن زايد لتركيا على خريطة الإقتصاد والتسوية الشاملة
انهيار الليرة التركية: تركيا تتحول إلى جحيم للأتراك والعرب