لا تريد الصين انهيار الاقتصاد المصري فهو مؤلم لمصالحها، لكن أيضا لن تسمح للقاهرة بضرب سد النهضة الإثيوبي أساس نهضة اثيوبيا وبوابتها إلى القرن الأفريقي.
إنها معادلة صعبة جدا تواجه الصين هذه الأيام، حيث طلبت القيادة المصرية من وزير الخارجية الصيني، كين غانغ، الذي أنهى مؤخرا زيارتها إلى مصر، دعما في الملفين الإقتصادي وسد النهضة.
ويبدو أن الولايات المتحدة فشلت في اقناع قادة اثيوبيا بالعدول عن عمليات ملء سد النهضة ونهج سياسة تعاونية مع القاهرة، كما فشلت روسيا أيضا في الضغط على الدولة الأفريقية باعتبارها أكبر مزود لها بالسلاح.
الورقة الأخيرة بالنسبة للقاهرة هي اللجوء إلى الصين، البلد الذي ساهم ماليا وحتى تقنيا في تطوير هذا السد المزعج لكل من مصر والسودان باعتبارهما بلدا المصب، فيما تتصاعد مخاوفهما أيضا من انفجار السد ما سيؤدي إلى كارثة في البلدين.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الصيني إلى مصر في ظل ظروف صعبة تمر منها البلاد على مستويات عديدة منها الاقتصادية والمالية على وجه التحديد، ومعاناتها مع تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا والتي قامت بمحو مكتسبات إصلاحات 2016 التي كان يجب أن يبنى عليها.
وكانت قد وافقت أيضا على اجراء إصلاحات مالية واقتصادية واسعة جدا، بعد أن لجأت إلى صندوق النقد الدولي، وهي المؤسسة الدولية الوحيدة التي فتحت أبوابها للقاهرة ومع إقرارها قرضا جديدا لمصر قيمته 3 مليارات دولار، ستأتي 15 مليار دولار من الخليج العربي وجهات دولية أخرى بفضل توصيات الصندوق.
ومن المنتظر أن تخسر الصين الكثير في حال انهيار الاقتصاد المصري، بالنظر إلى مستوى التجارة بين البلدين والتي وصلت إلى قرابة 20 مليار دولار خلال 2021، ولأن الصين هي أكبر مستخدم لقناة السويس، وهي حلقة وصل مهمة لشحن بضائعها إلى أوروبا.
وقدمت بكين وعودا منها زيادة السياح الصينيين إلى مصر والتسويق لهذا البلد في سوق السياحة الصيني، إضافة إلى زيادة استيراد المنتجات المصرية.
لكن بكين هي المستفيد الأكبر من هذه العلاقة، حيث خلال أول 9 أشهر من 2022، وصلت قيمة واردات مصر من الصين 11.1 مليار دولار خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي، بينما صدرت إلى السوق الصينية 1.5 مليار دولار فقط.
حقق التعاون المشترك بين الصين ومصر قفزة تاريخية إلى الأمام، حيث كانت الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة تسع سنوات متتالية وبالنسبة للصين تعد مصر واحدة من أكثر الدول نشاطًا وأسرعها نموًا في القارة الأفريقية.
وتريد القاهرة مساعدات مالية واستثمارات قوية من بكين، خصوصا وان الميزان التجاري سيظل مختلا لصالح القوة الأسيوية في السنوات القادمة، وقد ارتفع حجم الاستثمارات الصينية في مصر من 500 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار.
وتعد العاصمة المصرية الجديدة من أكبر المشاريع التي شاركت فيها الصين، كما استثمرت في قناة السويس ومشاريع أخرى مختلفة، ومع توجه الدولة المصرية إلى التقشف قد تتوقف عدد من تلك المشاريع خصوصا ما هو مرتبط بالعاصمة الجديدة التي يفترض أن تفتتح منتصف العام الجاري.
تؤكد زيارة وزير الخارجية الصيني الجديد إلى مصر رغبة الصينيين في التقدم بسلاسة وبشكل ملموس في مشاريعهم بمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع القطار الكهربائي السريع بمدينة العاشر من رمضان، وغيرها من المشاريع المتنوعة، وهي المشاريع التي تنفذها الشركات الصينية في مصر.
وفي انتظار أن تتحقق الوعود الصينية التي لم تحدد بالأرقام والأهداف الواضحة، يبدو موقف بكين محافظا للغاية في ملف سد النهضة، حيث أنها لا تدعم حدوث أي حرب في المنطقة تضر بمصالحها.
وتعد اثيوبيا بوابة الصين إلى القرن الأفريقي حيث تعمل هناك 500 شركة صينية إضافة إلى استثمارات صينية وصلت إلى 4 مليارات دولار وهي أرقام أكبر بكثير من النشاط الصيني في مصر، لذا قد لا تحرز أي اختراق على مستوى قضية سد النهضة.
إقرأ أيضا:
رحلة انضمام مصر إلى البريكس من باب بنك التنمية الجديد
الكويت دولة خليجية فاشلة ومن حقها أن ترفض مساعدة مصر
توقعات انهيار الجنيه المصري إلى 50 لكل دولار بحلول 2024
بنك الكويت الوطني وظفار العماني وبيت التمويل الكويتي عملاء الريبل
اصلاحات مصر 2022-2026: تعويم الجنيه المصري وثورة الخصخصة
تأثير تعويم الجنيه على اسعار الاسهم في البورصة المصرية
تراجع معدلات الإنجاب والزواج بسبب انهيار الجنيه المصري
لماذا تقترض مصر كثيرا وتعتمد سياسة تركيا أردوغان؟
