نحن على أبواب تعويم الدرهم المغربي، وما أشبه اليوم بالأمس عندما لجأت مصر إلى نفس الخيار وكذلك نيجيريا على وقع تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومحاولة الخروج من الأزمات الإقتصادية التي تغرق المنظومة العالمية فيها.
ورغم أن هذه العملية مخيفة بالنسبة لمعظم المغاربة والأشخاص الذين أعرفهم، ومن خلال قراءتي التعليقات على المواقع الإخبارية المشهورة في المغرب يمكنني أن ألمس تشاؤما كبيرا من المهتمين، إلا أنني لا أزال أشعر بتفاؤل كبير بأنه يمكن للمغرب أن لا يعيش نفس تجربة بلدان عانت كثيرا في سنوات التعويم قبل أن تعتاد الشعوب فيها على الوضع الجديد.
وأنا أتابع أخبار هذه القضية لاحظت أن والي بنك المغرب “محافظ البنك المركزي” قد شدد على خطورة المضاربة وحذر من إجراءات بعض البنوك في هذا الصدد والمضاربين الكبار الذين عملوا خلال الفترة الماضية على الاستعداد للتعويم من خلال شراء العملات الأجنبية وتخزين أموالهم بالعملات العالمية وأبرزها اليورو والدولار.
ورغم التحذيرات التي صرح بها في أكثر من مناسبة بدأت المضاربة تأخذ نفس المنحى الذي رأيناه في مصر، حيث واصلت البنوك شراء العملة الصعبة إلى مستوى واجه فيه بعض العاملين في مجال الاستيراد مشكلات في الحصول على المال.
-
عمليات شراء العملات بوثيرة كبيرة
خلال الفترة الأخيرة ومنذ إعلان والي بنك المغرب تعويم الدرهم المغرب بداية من يوليوز القادم، لجأت البنوك وكبار المضاربين إلى شراء العملات الأجنبية.
ووصلت حجم المعاملات المالية الخاصة بشراء العملات الأجنبية إلى 44 مليار درهم أي حوالي 440 مليون درهم بمعدل 1.2 مليار درهم في اليوم.
وحصلت هذه البنوك على تراخيص عمليات تجارية خلال الفترة الماضية ليتبين أنها تستخدمها لتغطية أنشطة شراء العملات الصعبة.
-
مضاربون مغاربة وأجانب متحمسون لاستغلال التعويم
التعويم يعد فرصة كبيرة بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية وكبار المضاربون لحصد أرباحا جيدة، وفي هذا الصدد بدأ هؤلاء ومنهم المضاربون بشراء العملات الأجنبية من السوق السوداء ومن البنوك.
ولدى هؤلاء اعتقاد بأنه مع بدء عملية التعويم وفي الأسابيع الأولى لفعل ذلك ستنخفض العملة المغربية مقابل الدولار واليورو وهو ما حدث فعلا من قبل في مصر ونيجيريا ودولا أخرى مثل الأرجنتين ونجحت تلك الفئات في حصد عائدات وأرباح كبيرة منه بسهولة ودون أدنى جهد أو ذكاء.
هؤلاء ينتظرون التعويم ويتمنون أيضا أن يكون سريعا وحاسما على الطريقة المصرية، لكن والي بنك المغرب يرد عليهم بالقول أن التعويم يمكن أن يستمر مدة 15 عاما وبالتالي فإن تراجع الدرهم المغربي قد يكون تدريجيا وبطيئا جدا والتأثيرات لن تظهر على مدار الأعوام القليلة القادمة.
-
كيف يستغل المضاربون تعويم الدرهم المغربي لمضاعفة ثرواتهم المالية؟
تخزين الثروة المالية على شكل عملات صعبة مثل الدولار واليورو قبل سقوط قيمة العملة المحلية، ومن ثم بيعها مقابل تلك العملة يزيد من الثروة المالية بل ويمكن أن يضاعفها أيضا.
المضاربون الأغنياء والكبار يدركون هذه الحقيقة وينظرون إلى أن هذه الفترة هي الأفضل لشراء اليورو والدولار وبيع الدرهم المغربي، وبعد أن تتراجع قيمة هذا الأخير سيعملون على شراء الدرهم وبيع العملات الأجنبية.
وحسب أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط السيد محمد كريم، إذا اقدم شخص حاليا على انفاق مليوني درهم لشراء اليورو سيحصل على 183.5 ألف يورو وسيتركها حتى يتراجع قيمة الدرهم بنسبة 10 في المئة على الأقل ويصل إلى 11.99 درهما لكل يورو واحد ثم سيعمل على شراء العملة المحلية حينها ليحصل على 200 ألف درهم صافي أرباح خلال أسابيع قليلة من الإنتظار.
الأرباح تكون ضخمة أكثر كلما انفقت المال الآن على شراء اليورو والدولار، وهذا سيكون واحا بالنسبة لمن ينفقون المليارات في شراء اليورو والدولار.
بهذه الطريقة الأنانية يمكن مضاعفة ثروات المضاربين الكبار ليخرجوا من هذه الفترة بعائدات قوية حتى تستقر قيمة العملة على حدود معينة.
نهاية المقال:
نفس الأسلوب المستخدم من المضاربين في مصر نعيشه اليوم في المغرب وما نيجيريا عنا ببعيد، وهو ما يزيد من مخاوف المغاربة خصوصا الفئة الفقيرة والمتوسطة، في هذا الوقت نراهن على التعويم بالتدريج والذي يمكن أن يستمر 15 عاما حتى يصبح الدرهم المغربي حرا وهي الطريقة التي لا تخدم أهداف الفئة الأنانية وتمنعهم من الربح السريع والكبير.
خطة تحرير سعر صرف الدرهم المغربي 2017 – 2018
كيف يمكن للأفراد حماية أنفسهم من انهيار العملة المحلية بسبب التعويم أو أي سبب آخر؟
تعويم الجنيه المصري جعل البورصة المصرية الأفضل عربيا 2016 و منذ 2008
عن خسارة الدولار 98% من قدرته الشرائية وارتفاع الذهب 53 مرة منذ 1900 إلى الآن