
عندما نتحدث عن المال الحقيقي فنحن نقصد الذهب والفضة والممتلكات التي تملكها فعلا ودفعت مقابلها وليس عليك أي ديون بشأنها، لكن العملات النقدية مثل الدولار واليورو والدرهم المغربي والريال السعودي والجنيه المصري ما هي إلا أوراق وقطع نقدية جاءت لتسهل التعامل وكانت في الماضي مرتبطة بالذهب الذي يحدد قيمتها ثم فجأة فك العالم الإرتباط بالذهب ورأينا التعويم الذي أسقط جميع العملات في فخ الوهم.
وفيما يمكنك أن تقلق بسبب تراجع عملة بلدك أو الدولار الذي تتعامل به، وتفرح لإرتفاعه قيمته أو العكس حسب موقعك من التجارة والتعاملات المالية، فإن ما يجب أن نقلق عليه جميعا هو تراجع القدرة الشرائية للعملات ولدينا في العملة الصعبة والتي تتمتع بثقة كبيرة في العالم أفضل درس يمكن أن نتعلمه، أتحدث عن الدولار الأمريكي.
عبر التاريخ خسرت هذه العملة الكثير من قوتها وقدرتها الشرائية بالرغم من أنها تعد واحدة من العملات الرئيسية في العالم، هذه الخسائر كبيرة ومرعبة ويمكن أن تصدمك فعلا لكنها ستساعدك في فهم واحد من أهم أسباب غلاء المعيشة اليوم لأن ما يحدث مع الدولار يحدث مع بقية العملات المحلية والدولية والعالمية.
-
الدولار خسر قدرته الشرائية فيما تضاعفت قيمة الذهب
هذا الرسم البياني يوضح لنا أنه منذ 1900 وإلى الآن حدثت خسائر كبيرة للقدرة الشرائية التي يتمتع بها الدولار، وبدأ هذا مباشرة منذ أزمة 1929 الشهيرة.
وكانت الخسارة مهولة أيضا بعد فك ارتباط الدولار بالذهب منذ 1971 لتكون هذه هي اكبر سرقة للثروة والمال الحقيقي في العالم، لنرى مباشرة الذهب يرتفع في التداولات وهو يميل عادة لتراجع قيمته أثناء الرخاء واقبال المستثمرين على الأسهم والعملات أكثر من شرائه لحفظ ثرواتهم المالية.
نعم خسر الدولار أكثر من 98% من قدرته الشرائية منذ القرن الماضي، بينما تضاعفت قيمة الذهب 53.3 مرة على الأقل بحلول عام 2015.
;في ظل الحروب والأزمات المالية فإن الإقبال على شراء الذهب هي من أبرز سيمات المرحلة، ويمكن أن تلاحظ أنه منذ عام 2000 بعد فقاعة الدوت كوم، وبالتوازي مع حرب افغانستان وحرب العراق والتوترات التي عاشها العالم إلى أزمة 2008 والحروب المستمرة حاليا كلها تزيد من ثقة المستثمرين في الذهب والخوف من حيازة الدولار المعرض للإنهيار.
-
إذا خزنت 100 دولار عام 1900 ماذا سيحدث؟
لو قررت وضع 100 دولار في بنك أو خزينة خاصة منذ بداية القرن الماضي فحاليا لن تشتري بها قيمة الدولار حينها عندما كان قويا بل إنها حاليا أقل من 3.5 دولار في قيمتها الحقيقية.
حوالي 97 دولار في هذه الحالة ذهبت أدراج الرياح وخسرتها بعد كل هذه السنوات من الإحتفاظ بها للأسف، لهذا أصر على أن تخزين النقود لفترة طويلة يجب أن يكون بالذهب أو الفضة على أن يكون سيولة نقدية.
إذا كانت 100 دولار يمكنك أن تكتري بها منزلا كبيرا في القرن الماضي فإنها حاليا لا تكفي لفعل ذلك، وهذا هو أثر خسارة العملة بشكل عام لقدرتها الشرائية.
-
هل لا يزال الدولار يخسر قدرته الشرائية حاليا؟
بكل تأكيد البيانات الممثلة في هذه الصورة تؤكد أن هذه الظاهرة مستمرة حتى عام 2016 وهي ستستمر للأسف فطباعة الدولار بدون غطاء الذهب وتسعيره يباء على العرض والطلب يفقده قيمته الحقيقية، تلك القيمة التي لا نستطيع أن نراها لكن نشعر بأن شيئا سيئا يحدث مع العملات.
عاما بعد عام يخسر الدولار قدرته الشرائية والأسعار التي تعرض بها اليوم المنتجات لن تكون هي الأسعار ذاتها بعد 10 سنوات من الآن فسترتفع أكثر وأكثر.
والأمريكيين مثل بقية شعوب العالم لاحظوا فعلا أن تكاليف المعيشة تزداد والحياة لم تعد بسيطة كما كانت منذ بضعة عقود.
نهاية المقال:
البيانات التي حصلنا عليها وتم تقديمها على شكل رسوم بيانات تتفق كلها على أن الدولار خسر معظم قدرته الشرائية، وهذه القيمة لا تخضع لارتفاعات الدولار أو تراجعه، فعام بعد عام يخسر قوته ويتأكد للعالم أجمع أن فك ارتباط العملات بالذهب هي جريمة يعاقب عليها العالم أجمع، جيلا بعد جيلا وهذا واحد من أهم أسباب ارتفاع تكاليف المعيشة يوما بعد يوم، كما أن العملات لا تصمد في الأزمات وغالبا ما تتعرض لإنهيارات مدمرة كان آخر انهيار عملة فنزويلا وتحول أغلب الشعب الفنزويلي إلى فقراء وبؤساء كأنهم ما عاشوا أبدا نعمة الإزدهار الإقتصادي!