لأن فيس بوك أصبح منصة لانتشار الأخبار و تبادلها مع متابعتها على نطاق واسع، فإن إمكانية انتشار الأخبار الكاذبة كبيرة للغاية و هناك عدد لا يستهان به من الأنباء اليومية التي يتم تبادلها لا صحة لها و تم خلقها سواء لتشويه صورة شخص أو كيان أو التطبيل لجهة معينة أو لغرض آخر مشابه.
و في المجتمعات العربية حيث تصديق الناس للخرافات و الأكاذيب ممكن للغاية و أكبر من المجتمعات التي يتبع فيها الفرد منهجية التحقق من المعلومات قبل التسليم بها تصبح هذه الأفة خطيرة و منتشرة بصورة مريبة تدعمها الصراعات السياسية و الطائفية و الانتمائية في المنطقة.
مارك زوكربيرج في قناة السويس بمصر، هذا هو خبر الساعة على فيس بوك المصري و قد انتشر كالنار في الهشيم، صدقه الكثيرون فقاموا بمشاركته و نشروه على نطاق واسع.
في الواقع الخبر لا صحة له و لا يمت إلى الواقع بصلة، مارك زوكربيرج على ملفه الشخصي بفيس بوك نشر بعض الصور لقيامه بزيارة إلى قناة بنما و هي إحدى دول وسط أمريكا الجنوبية و هو ما انتشر على الصحف العالمية فيما عدد كبير من المدافعين عن مشروع قناة السويس الجديدة في مصر يتحدثون عن كون الصورة من بلدهم و لقناتهم المهمة.
هذا الدفاع الذي يقف وراءه الإشادة بجهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و ربما التطبيل لإنجازاته، يشوه بصورة الشعب المصري كشعب يصدق الأكاذيب و يروج لها بقوة و يصنع من الأوهام و من الجنون قصصا يصدقونها عن ظهر قلب!
شخصيا صادفت المنشور لأكثر من مرة، في البداية اعتقدت أن الخبر صحيح و لما تحققت من الصورة و قمت ببحث في الصحف الأجنبية و استكشاف منشورات مارك زوكربيرج وجدت أنه خبر مفبرك آخر.
بعض المتعصبين لهذه الأكذوبة يتحدثون في الوقت الراهن على أن الهدف من الزيارة لمارك زوكربيرج هو اقامة حقل للسيرفرات في منطقة خليج السويس تغطي جميع انحاء العالم و أنه سيتم نقل خوادم الشركة إلى مصر كي تنقل البيانات بسرعة أكبر للعالم و يتم تبريدها بمياه البحر الأحمر الغنية بالأملاح!
كلام مضحك فعلا و أي شخص عاقل سيتوقف عنده طويلا لعله يأخد نفسا عميقا من كثرة الضحك، صاحب المنشور كما نرى افتتح كلامه بقوله ” للأسف الشديد المصريين هم ملوك الزيطة على مستوى العالم كله” و هو لا يعرف أن بروايته الخاطئة و التي نشرها يؤكد على أن المصريين ملوك فعلا في تلفيق الأخبار و صنع الأوهام و تصديقها و نشرها.
من نتائج الزيارة المزعومة نجد أيضا جعل الجنيه المصري العملة الرئيسية التي سيتعامل بها المعلنين على منصة فيس بوك في المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط، و يضيف أنه سيتم منح المعلنين المصريين حوالي 2 مليارات دولار من الإعلانات المجانية على المنصة لمدة عامين و من الآن حيث ستضمن وصول الثقافة المصرية لكل بيت في العالم و أيضا منتجاتهم و سياحتهم!
ليس هذا فقط الغريب و المضحك بنفس الوقت، لكن عندما نجد أن وادي السليكون قد أصبح شركة و ستفتتح فرعا لها في قناة السويس حيث ستتكلف بإدارة أعمال الشركات المحلية و العربية و الفروع الأجنبية فاعلم أنك أمام وهم آخر و كذبة صدقها للأسف الكثير من المغيبين.
أمام هذه الكمية من الأكاذيب و الأوهام التي لا يصدقها عاقل، يصاب المرء بصدمة نتيجة لعدد الإعجابات و التعليقات التي تلقتها هذه المنشورات و أيضا لعدد المشاركات لنشرها و سقوط المزيد في فخ تصديق أكذوبة الغاية منها التسويق لمشروع قناة السويس الجديدة، ما يدفعني للتساؤل بصدق: هل أصيب هؤلاء بجنون أم مسهم السحر؟ و هل هذا كلام يقال أصلا؟!