
وسط الأزمة الروسية الأوكرانية المستمرة قفز سعر البيتكوين بأكثر من 15% في الأسبوع الأخير من شهر فبراير، وقد حققت سعر العملة الرقمية الرائدة مكاسب بنحو 12.51% خلال تعاملات يوم 28 فبراير لتتداول عند سعر 43094 دولار، وعلى الرغم من التقلبات التي شهدتها العملة في الأيام الأولي من شهر مارس إلا إنها تتداول حاليًا فوق مستوى 40000 دولار.
في 24 فبراير تراجعت قيمة البيتكوين إلى 34904 دولار، منذ ذلك الحين، قفز سعر أصل العملة الرقمية الأكثر شيوعًا بأكثر من 23%، وقفزت سوق الاستثمار في العملات الرقمية أيضًا إلى القيمة السوقية البالغة 2 تريليون دولار، حيث ارتفعت القيمة السوقية الاجمالية للسوق بأكثر من 10%في 28 فبراير، ويعزو الخبراء ارتفاع سعر البيتكوين إلى ظهور العملة المشفرة كبديل للنظام المالي التقليدي الذي يتعرض حاليًا للأزمة الجيوسياسية في الغرب.
لقد كشفت الأزمة الجيوسياسية الحالية عن خطوط الصدع في عالم العملات التقليدية مما يؤكد على أهمية العملات الرقمية كبديل للنظام المالي الذي يتم تسليحه من قبل القوى الغربية، لمنع الروبل من الانهيار قام البنك المركزي الروسي برفع أسعار الفائدة إلى 20% وهو ارتفاع كبير في أسعار الفائدة لجعل الودائع جذابة، كما منعت البنوك المركزية الأجانب من بيع الأوراق المالية.
لذلك، يتجه الروس إلى العملات الرقمية بأعداد ضخمة، وقد لامست أحجام البيتكوين المقومة بالروبل أعلى مستوياتها في 9 أشهر،وتحتل أوكرانيا المرتبة الرابعة في مؤشر التشفير Chainalysis، فيما تقف روسيا في المركز الثامن عشر، في أعقاب حالة عدم اليقين أصبحت العملات المشفرة الملاذ الأخير للأشخاص في هذين البلدين.
يقول الخبراء إن الأسواق تعمل عادة تحسبا لحدث ما، سواء كان ذلك إصلاحًا جديدًا تقدمه الحكومة أو تبني منتج جديد أو حتى أزمة عالمية مثل حالة الحرب، قد تكون الاتجاهات الحالية في أسواق العملات الرقمية أيضًا مثالاً على ذلك.
كانت الحرب حدثًا متوقعًا، وكان رد فعل الأسواق استباقيًا للتأثير الذي تسبب في تقلبات عالية في السوق، في اليوم الذي بدأت فيه الحرب انهارت الأسواق كتأثير سلبي وكرد فعلي طبيعي أيضًا، لكنها أظهرت بعد ذلك علامات الانتعاش، يمكن للمرء أن يربط ذلك بأسواق الأسهم وكيف تأثرت خلال حالات مماثلة مثل فيتنام أو أي من الحروب الأخرى، والنتيجة هي تهاوي أسواق الأسهم في البداية ثم بدأت في الارتفاع.
حدث شيء مشابه أيضًا في مارس 2020 وهو جائحة كوفيد 19، حيث انهارت الأسواق على الرغم من عدم تجاوز عدد حالات الإصابة والوفيات بالفيروس الملايين، مما استبعد أن يكون تأثير الوباء كبيرًا، خاصة وأنه في وقت لاحق فقط بدأ السوق بالفعل في الظهور والارتفاع.
في السياق الحالي، نشهد اتجاهًا مشابهًا، ومع ذلك، لن يكون لهذه الحوادث تأثير كبير على الأحداث الجارية بالفعل، على سبيل المثال: لا يزال من المتوقع أن يستمر البنك الاحتياطي الفيدرالي في سياسته التشديدية في 15 مارس، وبدلاً من شراء الاحتياطي الفيدرالي للسندات، فإنه سيبيعها بنشاط وسيؤدي ذلك إلى تقليص الميزانية العمومية مما يؤثر سلبًا على الأسواق.
تأثير محدود لأزمة أوكرانيا على العملات المشفرة حتى الآن
حتى الآن، كان للأزمة تأثيرًا على الأسواق المالية بما في ذلك سوق العملات الرقمية، ومع ذلك، يقول معظم المراقبين إن التباطؤ الذي شهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية هو إلى حد كبير نتيجة أشياء أخرى غير التوترات بين روسيا وأوكرانيا.
بينما تؤثر الأزمة في أوكرانيا بالتأكيد على أسواق الأسهم، من المهم ملاحظة التقاء عدة عوامل تؤثر حاليًا على الاقتصاد العالمي، من بينها الانتشار المستمر لمتحور أوميكرون والصدمات السلبية في العمالة وسلاسل التوريد ومخاوف التضخم واشارةالبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى نيته في رفع أسعار الفائدة للسيطرة على مستويات التضخم المرتفعة.
في حين أن الأزمة الأوكرانية قد تسبب بعض القلق بين المستثمرين، فمن المحتمل أن يجد الانكماش الحالي أسبابه الرئيسية في اتجاهات أعمق وأكثر منهجية، أولًا، هناك قضايا فورية أكبر يضعها المستثمرون أمام أنظارهم مثل اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي والتشديد الصارم الذي يتوقعه الكثيرون، بالإضافة إلى أن السوق كان مبالغًا في التقدير لمعظم التوقعات، وثانيًا، يجب أن ننظر إلى الوراء قليلًا وتحديدًا إلى ما حدث في فبرايرومارس 2014 عندما غزت روسيا أوكرانيا واستولت على شبه جزيرة القرم وضمتها.
في عام 2014، كان لضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتوغلاتها في أوكرانيا تأثير سلبي بالفعل على أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، حيث تأثرت الأسواق الأوروبية وعلى وجه الخصوص الروسية، ومع ذلك، كان التأثير قصير الأجل نسبيًا لا سيما في الولايات المتحدة، حيث أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 العام عند أعلى مستوى له على الإطلاق.
في الواقع، يقول معظم المحللين إن سوق العملات الرقمية يجب أن يكون قلقًا بشأن أشياء أخرى في الوقت الحالي، يعتقد أحد خبراء سوق التشفير أن أسواق الأسهم والعملات المشفرة تنخفض بشكل أساسي لأنها ارتفعت كثيرًا، ولا سيما سوق الأسهم الأمريكية، ويري أن الاحتياطي الفيدرالي قد وصل إلى غايته كما هو مبين في مؤشر أسعار المنتجينفي الولايات المتحدة الذي وصل إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا.
كما يشير أيضًا إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي مكلف بمكافحة التضخم وأن العملات الرقمية هي من بين الأصول الأكثر مضاربة، مما يعني أنها ستعاني في حالة حدوث ارتفاع حاد في أسعار الفائدة، من ناحية أخرى، يجادل بأن عملة البيتكوين هي “العملة الرقمية الأقل خطورة” وأنها قد تحل في النهاية محل الذهب كأصل بعيد عن المخاطرة.
ماذا لو استمرت حرب روسيا ضد أوكرانيا؟
بينما يرى معظم المحللين أن الأزمة الأوكرانية حتى الآن لم يكن لها تأثير كبير على العملات الرقمية، إلا إنهم يميلون أيضًا إلى الاعتقاد بأن استمرار الصراع المسلح المباشر بين روسيا وأوكرانيا سيظهر تأثيره بالتأكيد.
ففي حالة استمرارالنزاع المسلح لفترة يمكن أن تشهد أسواق العملات الرقمية بالتأكيد انخفاضًا كبيرًا، حيث من المحتمل أن يكون سبب ذلك بشكل غير مباشر التأثير السلبي على أسواق النفط والغذاء،خاصة بعدما ارتفعت أسعار النفط فوق 100 دولار بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية وحدوث اضطرابات في سلاسل التوريد.
ونظرًا لأن العملات الرقمية أصبحت أكثر ارتباطًا بالأسواق التقليدية على مدار العامين الماضيين، فإذا تضررت أسعار السلع هذه فمن المحتمل أيضًا أن تتأثر أسعار العملات المشفرة على المدى القصير، يقول مراقبون آخرون أيضًا أنه على الرغم من احتمالية كون معظم التأثيرات كبيرة، إلا أنها ستكون قصيرة المدى نسبيًا في نطاقها.
يخبرنا التاريخ أن أسواق الأسهم تتفاعل في البداية بشكل سيئ مع الصراع المسلح الذي يشمل الدول الغربية، ويمكننا أن نتوقع أن تتبع العملات المشفرة سوق الأسهم نحو الأسفل،لكن الخبر السار هو أن التأثير السلبي على الأسواق يميل إلى أن يكون قصير الأجل، كما أن الأسواق تميل إلى التعافي بسرعة بمجرد أن يدرك المستثمرون أن النمو الاقتصادي الغربي مستمر بلا هوادة.
استعادة البيتكوين والعملات المشفرة
يواصل المعلقون القول إن قدرة سوق العملات المشفرة على التعافي ستعتمد على عوامل الاقتصاد الكلي أكثر من اعتمادها على نوع من التسوية السياسية أو وقف إطلاق النار.
العامل الرئيسي الذي يثقل كاهل الأسواق هو الرفع من أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم الغربي، معظم الحروب التي تشارك فيها دول غربية لها تأثير اقتصادي أقل بكثير من الزيادات الكبيرة في الأسعار.
بعبارة أخرى، لا نتوقع حدوث انتعاش في سوق العملات المشفرة حتى تستقر تهديدات معينة على مستوى الاقتصاد الكلي (التضخم وارتفاع أسعار الفائدة)، ومع ذلك، بالنسبة لبيتكوين على الأقل، يبدو المستقبل على المدى المتوسط إلى الطويل مشرقًا.
إقرأ أيضا:
هل تعترف أمريكا أخيرا بشرعية عملة بيتكوين والعملات المشفرة؟
الروبل الرقمي وعملة بيتكوين ضد العقوبات الأمريكية على روسيا
بيتكوين تستفيد من انهيار الروبل وغزو روسيا لأوكرانيا
هل تخسر كازاخستان صناعة تعدين بيتكوين العظيمة؟
رفع الفائدة الأمريكية وإصدار الدولار الرقمي في صالح بيتكوين