يستمر انهيار الليرة التركية، العملة التي راهنت على سقوطها منذ 2018، وأضفت في مقالات سابقة أن مساعدات قطر والإمارات والسعودية والتقارب مع إسرائيل لن يوقف الإنهيار، لأن المشكلة داخلية وليست من الخارج.
تدخلات الرئيس التركي أردوغان في سياسات البنك المركزي التركي خلال السنوات الأخيرة وسياساته للإقتراض بشكل كبير والإنفاق من أجل النمو الاقتصادي وتجنب التقشف، هي كلها عوامل سلبية أطاحت بعملة الليرة التي كانت قبل سنوات تساوي 3 أو 4 ليرات لكل دولار.
منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية انزلقت الليرة التركية من 19 لكل دولار إلى 26 لكل دولار حاليا، وتراجعت الليرة بنسبة 28٪ هذا العام، فيما أحرق البنك المركزي التركي حوالي 50 مليار دولار في شهر الانتخابات، وتراجعت الليرة في غضون عام بنسبة 56.84%
ومع تقليل تدخله حاليا في سوق الفوركس على الأرجح لدعم العملة وجد الدببة فرصتهم لدفع العملة إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة في التاريخ الحديث وبالضبط منذ انقاذ صندوق النقد الدولي لتركيا.
حاليا يراهن المستثمرين على خفض الليرة أكثر، وهي عملية تراهن عليها أيضا بعض المصانع التركية القائمة على التصدير، والتي هددت الرئيس التركي قبل أشهر بتسريح آلاف العمال في حال واصل البنك المركزي الدفاع على الليرة ضد الهبوط.
لكن مع استفادة التصدير من الإنخفاضات، فإن المواد الأولية التي يتم استيرادها بالدولار يصبح سعرها مرتفعا، والتضخم من الممكن ان يرتفع بشكل متسارع مجددا، عكس دول العالم التي تشهد تراجعا للتضخم مع تشديد السياسة النقدية.
ارتفع زوج الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية بنسبة 25٪ خلال الأسابيع الأربعة الماضية، وهذا يعني أن الدولار يصبح أكثر تكلفة وقيمة في تركيا حاليا والتحويل إليه أفضل للأتراك من الإدخار بالعملة المحلية.
أشار محللو جي بي مورجان إلى أن الليرة التركية ستواصل الإنخفاض هذا العام على أن يصل الدولار إلى 30 ليرة قبل نهاية العام الحالي، ويستند المحللين إلى سعر الصرف الفعلي الحقيقي لليرة التركية (REER) أو القيمة الحقيقية لليرة أقل بحوالي 32٪ من سعر الصرف الحالي لذا يجب خفض العملة.
وما يمكن أن يعزز هذا الهبوط هو حاجة البنك المركزي إلى إعادة بناء احتياطاته النقدية وبالتالي تراجع تدخلاته في سوق سعر الصرف خلال الفترة القادمة، وعكس ذلك ستستخدم تركيا احتياطاتها من أجل الإنفاق على إعادة الإعمار بعد الزلزال.
وتبحث تركيا من خلال تقاربها مع دول الخليج وإصلاح علاقتها مع إسرائيل ومصر وحتى سوريا وإيجاد حل لمشكلة انضمام السويد إلى الناتو، عن توفير بيئة خارجية وتجارية أفضل للبلاد وتجاوز الخلافات السياسية التي كان لها تأثير سلبي على الإستثمار في تركيا.
كما ان البنك المركزي التركي عاد إلى رشده من خلال رفع سعر الفائدة، لكن الرفع الذي كان من 8.5 في المئة إلى 15 في المئة لا يزال أقل بكثير من المتوقع، ويجب أن يستمر البنك المركزي في تشديد السياسة النقدية كي يوقف الهبوط، فيما من الممكن أن يدفع أردوغان البنك مجددا إلى العزوف عن هذا الإتجاه، وهذا هو سبب انكسار ثقة المستثمرين بالبنك المركزي التركي.
وفقاً لمؤسسة Wells Fargo للخدمات المالية، فإن التوقعات الاقتصادية في حالة سيئة للغاية في الأسواق التركية، من غير المستبعد أن تؤدي سياسة رفع سعر الفائدة التي تستخدم حاليا لكبح التضخم إلى دخول الاقتصاد التركي الركود الطويل، وهو أمر لا يريده أردوغان الطي يستغل النمو الاقتصادي المرتفع للتأكيد على أن سياساته الاقتصادية جيدة.
تشير توقعات الليرة التركية من بنك Danske Bank إلى أنه سيصل إلى 25 ليرة لكل دولار في ظرف عام، وقد تحقق هذا الهدف وليس واضحا إن كان البنك يرى المزيد من الهبوط أم لا.
توقعت مؤسسة Wells Fargo الأمريكية أن يصل سعر الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 23 ليرة تركية مقابل الدولار الأمريكي بحلول يونيو 2023.
من جهة أخرى تشير بعض أدوات الذكاء الإصطناعي إلى ان الليرة التركية ستستمر في هبوطها ومن المنتظر أن يصل الدولار إلى 50 ليرة تركية بحلول 2028 أو 2029.
وهذا يعني أن الخمس سنوات عهد أردوغان الجديد لن تكون جيدة وستستمر العملة التركية في التآكل بشكل تدريجي.
إقرأ أيضا:
سبب انهيار الليرة التركية إلى أكثر من 25 للدولار رغم رفع الفائدة
توقعات انهيار الليرة التركية إلى 30 مقابل الدولار بنهاية 2023
الإنتخابات التركية 2023: انهيار الليرة التركية بعد فوز أردوغان
اما انهيار الليرة التركية أو ستغرق تركيا في البطالة
هل يحدث انهيار الجنيه المصري مثل الليرة السورية أو اللبنانية؟
ستفشل السعودية في انقاذ الليرة التركية كما فشلت قطر والإمارات
توقعات: مستقبل الليرة التركية 2022 – 2023