تعد الكثافة السكانية الكبيرة التي تصل إلى 1.4 مليار نسمة واحدة من نقاط قوة الصين، لأنه حتى وإن تعرضت لحصار اقتصادي عالمي فإن السوق المحلية قادرة على استهلاك جزء مهم من الإنتاج الصيني.
لكن البلد الذي يتطلع للزعامة في عالمنا يبدو أنه وقع في فخ اليابان، الدولة الأسيوية والأخرى التي تنبأ كثيرون بأنها الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل وهذا منذ ثمانينيات القرن الماضي لكن ذلك لم يحصل بل تراجعت لصالح التنين الأصفر.
وفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، من المتوقع أن تظهر أحدث أرقام التعداد السكاني لأكبر دول العالم من حيث عدد السكان انخفاضًا إلى أقل من 1.4 مليار شخص، على الرغم من أنه من غير الواضح كم أقل من ذلك بكثير.
استخدمت الوزارات الصينية الرقم 1.4 مليار منذ 2018 سيكون الإنخفاض في عدد سكان الصين هو الأول منذ الإنخفاض الذي دام عامين في 1960-1961 بسبب تأثير المجاعة الكبرى.
يقول المحللون إن انخفاض عدد السكان في الصين قد يكون له تداعيات هائلة على الإقتصاد الصيني وأيضًا كيف تنظر الدول الأخرى إلى البلاد بما في ذلك الولايات المتحدة.
ولدى بكين مشكلة واضحة ديمغرافيا وهي ارتفاع عدد كبار السن والمتقاعدين وانخفاض المواليد وتباطؤ فئة الشباب النشطين الذين يساهمون بقوة في الإقتصاد من خلال الإنتاج والإستهلاك.
تراجع معدل الخصوبة بشكل أسرع من المتوقع في الصين، ولم تعد المرأة الصينية تنجب إلا ولدا واحدا وفي مرات كثيرة هناك الكثير من الأزواج الذين يعانون من العقم، مع ارتفاع أيضا واضح في الشباب الممتنعين عن الزواج أو الإنجاب.
ارتفعت نسبة الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما من 10.4% في عام 2000 إلى 17.9% في عام 2018 وهو ما يزيد من التكاليف على الدولة وهي الفئة التي تخشى كافة الحكومات حول العالم تزايد أعدادها لأنها غير منتجة بل إنها تستفيد من الرعاية الصحية المجانية وخدمات أخرى لا يدفعون مقابلها أو ربما ان ما دفعوه من ضرائب وتأمينات في شبابهم لا يغطي تلك التكاليف.
تراجع معدلات المواليد من شأنها أن تدفع الحكومة الصينية إلى التخلي عن تنظيم النسل، والسماح للأسر بإنجاب العدد الذين يريدونه من الأبناء.
لكن المشكلة في الصين لا تتعلق بالتنظيم فهناك أفكار تنتشر بين الأسيويين يعتبر اليابانيون روادها في المنطقة، وهي أفكار تشجع تجنب الإنجاب رغم الظروف الإقتصادية والمالية الجيدة.
ولمواجهة التحديات غيرت الصين نصائح التطعيم الخاصة بالنساء اللائي يحاولن الإنجاب، وأخبرتهن أنه لم يعد يتعين عليهن الانتظار لمدة ثلاثة أشهر بعد تلقي اللقاح قبل محاولة الحمل.
تضغط البلاد الآن بقوة من أجل التلقيح الجماعي في محاولة لتطعيم 40 في المائة من السكان بحلول يونيو، مما يعني أنه يجب إعطاء حوالي 10 ملايين جرعة كل يوم.
لكنها لا تريد أن يكون التلقيح مشكلة لهؤلاء الذين يخططون للإنجاب، ولهذا تعمل السلطات على طمأنة الأزواج بأن اللقاحات لا تؤثر على الإنجاب ولا تمنعه ولا يشكل ذلك خطرا على حياة النساء الحوامل.
والمخاوف بشأن لقاحات Covid-19 ليست فريدة من نوعها في الصين، ويحاول العلماء في جميع أنحاء العالم فضح الشائعات عبر الإنترنت التي تقول بأن أنواعًا معينة من اللقاحات ستضعف الخصوبة أو حتى تقتل النساء الحوامل.
وتشكل تلك الشائعات ضربة للمدافعين عن الإنجاب إذ أن من صدقوها قاموا بتأجيل خطط الإنجاب وربما تراجع بعضهم عن الفكرة بشكل نهائي.
ويعتقد خبراء الإقتصاد أن تراجع المواليد في الصين وارتفاع كبار السن ليشكلوا حاليا 20 في المئة من سكان هذا البلد هي تحدي كبير للنظام الشيوعي الصيني، وينذر بأن الصين قد تتراجع هي الأخرى في السنوات القادمة.
وفيما تمنع الصين توافد المهاجرين وترغب في الحفاظ على التركيبة السكانية الصينية الأصلية في سياسة مشابهة لما تفعله اليابان هي الأخرى، ستحافظ أمريكا على تفوقها بفضل استقبالها المهاجرين والإستفادة من المواهب والحفاظ على القاعدة العريضة من الشباب.
من المنتظر أن تستمر الصين في الأداء الجيد لعقد أو عقدين من الزمن ثم تتراجع لتستعيد أمريكا تفوقها بفضل اعتمادها على المهاجرين.
إقرأ أيضا:
لماذا تراجع معدلات المواليد يقلق الحكومات والشركات والإقتصاد؟
ضرب سد النهضة: مصالح الإمارات والصين في خطر
الهند والصين يفضلان النفط الإيراني على السعودي
خفايا اتفاقية الشراكة الإقتصادية بين الصين وايران
لماذا تعتبر الصين دولة نامية ومن الأسواق الناشئة؟
انهيار اقتصاد باكستان بسبب التحالف مع الصين