
لم يكن شهر يوليو سهلا هذه السنة، فقد شهد تزايدا في الإصابات بكورونا وظهور سلالة جديدة وانهيار النظام الصحي في تونس وأحداث كثيرة جعلته مضطربا على غير عادته.
والآن ونحن على أبواب أغسطس، يبدو أن ما فات ليس شيئا أمام ما يمكن أن يحدث مستقبلا، قبل أن يتجاوز العالم هذه المحنة المستمرة.
إذا كان أغسطس سيئا فعلى الأرجح أن سبتمبر لن يأتي بأخبار مختلفة، فالمتأمل في تاريخ الشهرين يعلم أن الثاني هو استكمال لما بدأه الأول.
هناك توقعات لشهري أغسطس وسبتمبر وهي سيئة، وذلك ما سنتطرق إليه في هذا المقال:
مشكلة الإحترار العالمي تصبح أسوأ في شهر الشمس:
عانت معظم دول العالم من ارتفاع الحرارة خلال يوليو، حتى أن ذلك قد قتل المئات من الأفراد في أمريكا الشمالية، ومن المتوقع أن لا تخرج الحرارة في أغسطس عن هذا السياق.
يدفع هذا مزيدا من الناس إلى المسابح والشواطئ لكن اضطرابات المناخ التي تعقبها ارتفاع مستوى سطح البحر والأمطار الصيفية التي تسبب الفيضانات والسيول تحاصر الجميع.
أما الغابات فهي معرضة أكثر للحرائق، وهي تنتشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
تعد حرائق غابات البرازيل 2019 الأسوأ في التاريخ الحديث، وهي التي شهدها أغسطس 2019، وأرعبت النيران المجتمع الدولي.
مع احتباس الغازات في الغلاف الجوي ترتفع درجة الحرارة نهارا، ثم تأتي أمطارا غزيرة بعد الزوال وعواصف يمكنها أن تسبب فيضانات ضخمة في ساعات قليلة.
هذا يعني أننا نتوقع المزيد من الحرارة وبالتالي الفيضانات والعواصف والسيول الجارفة والحرائق الكبرى في شهر أغسطس إلى سبتمبر.
الإغلاق الشامل وتشديد القيود ضد كورونا:
حرصت الحكومات على فتح السياحة والسفر الدولي خلال الصيف الحالي، وهي إلى الآن تقاوم ارتفاع الإصابات والوفيات ولا تريد اللجوء إلى الإغلاق الشامل.
مع انتشار سلالة دلتا الجديدة والتي تعد أسرع في الإنتشار وظهور سلالات أسوأ، تجد الحكومات نفسها في ورطة وأمام خيار تشديد القيود.
في تصريحاته الأخيرة لمح الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى عزمه فرض الإغلاق الشامل إذا لم يلتزم الشعب الأمريكي بالكمامات وشارك الممتنعين في التطعيم بتلك العملية.
وستعرض بعض الحكومات المحلية أموالا لمن يحصل على التطعيم كتحفيز، فيما تحارب الحكومات نظريات المؤامرة التي دفعت الملايين للإمتناع عن التلقيح.
ويتفق خبراء الأوبئة أنه لن يختفي فيروس كورونا دون أن يحصل جميع الأفراد على لقاح كورونا، وليس فقط في الدول المتقدمة بل أيضا في الدول الفقيرة.
رفضت منظمة الصحة العالمية فكرة الجرعة الثالثة وهذا لتوجيه تلك الجرع إلى أفريقيا والدول الفقيرة والرفع من أعداد الأشخاص الذين تم تطعيمهم.
وبينما سيحتاج العالم إلى فترة ليست قصيرة للوصول إلى مناعة القطيع، من الوارد أن تعلن العديد من الحكومات على تشديد قيود السفر والتوجه إلى الإغلاق الشامل على مستوى المدن الأكثر تضررا.
وبالتوازي مع هذه الجهود والتطورات من غير المستبعد أن نرى احتجاجات عنيفة من المؤمنين بنظريات المؤامرة ضد الحكومات في الشوارع.
الأسهم الأمريكية والعالمية واضطرابات أسواق المال:
يوضح هذا الرسم البياني متوسط العوائد الشهرية لمؤشر S&P 500 في أغسطس وسبتمبر منذ عام 1950، كانت سلبية إلى حد كبير، عند النظر إلى كل من أغسطس وسبتمبر.
في العام الماضي كان أغسطس الأفضل منذ 36 عاما، لكن هذه ليست قاعدته فهو شهر عصيب للأسهم والعملات فقد شهد اضطرابات في 2019 وانهيار البورصة الأرجنتينية، وانهيار الليرة التركية في 2018، وانهيار الأسهم الصينية عام 2015، ولا يزال يحتفظ بالرقم القياسي للبطالة الأمريكية المسجل في ثلاثينيات القرن الماضي.
أما سبتمبر فهو أيضا غني عن التعريف، وآخر مرة شهد فيها انهيارا ماليا هو في عام 2008، عندما انهارت البورصة الأمريكية وانفجرت فقاعة الرهن العقاري.
تتضمن الدراسة مؤشر S&P 500 الحديث الذي تم إطلاقه في عام 1957، بالإضافة إلى أداء مؤشر S&P 90 السابق.
من الناحية التاريخية، يُظهر الرسم البياني أيضًا أن شهري أبريل ويوليو ونوفمبر تميل إلى أن تكون أفضل الشهور لعائدات S&P 500.
يتوقع المراقبين تصحيحا وتراجعا للأسهم الأمريكية بنسبة 5% على الأقل، وهناك من يتحدث عن تصحيح كبير يصل إلى 20 في المئة.
وبعيدا عن الأسهم التي يمكن أن تعود للوراء وهي مسألة وقت فحسب، فإن الكثير من الأسواق بحاجة إلى تصحيحات وتراجعات كبيرة.
قضايا سياسية مؤثرة وحروب واردة:
هناك ملفات سياسية عديدة مهمة للمنطقة والعالم، منها الملف التونسي حيث لدى الرئيس مهلة 30 يوما من أجل اصلاح مسار البلد ولا نعرف هل هي نهاية الديمقراطية فعلا أم أنها فقط تصحيح وقد تدفع جماعة الإخوان المسلمين ثمن فشلها الإقتصادي.
ومن جهة أخرى لا ننسى الملف النووي الإيراني الذي ستتضح مساراته المستقبلية في الشهرين القادمين، خصوصا مع وصول رئيس جديد للجمهورية الإيرانية.
والأنظار تتجه أيضا إلى لبنان، والسؤال هو هل سينجح ميقاتي في تشكيل الحكومة وإخراج البلد من أزمته القاسية؟ أم أن لبنان في نفق مظلم لا ينتهي بعد تفجيرات بيروت في 4 أغسطس 2020؟
ولا ننسى التوتر المتزايد بين إسرائيل وايران، والمغرب والجزائر، ومصر واثيوبيا، وهي خلافات سياسية تهدد الأمن الإقليمي.
إقرأ أيضا:
رسائل أغسطس: ما الذي سيحدث في 2020 وهل سيكون 2021 أفضل؟
ماذا سيحدث بعد أفضل أغسطس منذ 1984 للأسهم الأمريكية؟
أغسطس / آب / غشت: شهر الأحداث الكبرى التي غيرت مسار التاريخ