أعلنت LinkedIn عن النتائج المالية للربع الأخير من 2015 يوم الخميس، و استيقظ وول ستريت و العالم أمس الجمعة على ضربة قوية و مفاجئة للشركة الأمريكية الرائدة في قطاع الشبكات الإجتماعية في البورصة إذ انهارت قيمة أسهمها بنسبة 43.58% ما يعني هبوطا رأسيا من 192.28 دولار إلى 108.49 دولار في بضع ساعات ليختتم الأسبوع بمأساة.
هذا ليس كل ما حدث فعلى إثر ذلك خسرت الشركة أزيد من 10 مليارات دولارات من قيمتها السوقية علما بأن قيمتها إجمالا تصل إلى 25.21 مليار دولار، و الآن أصبحنا نتحدث عن شركة قيمتها 14 مليار دولار فقط.
و فيما يعاني LinkedIn أخيرا و انضم إلى قائمة الشركات التي تخسر في البورصة، شهدت تداولات أمس هبوط قيمة سهم تويتر بنسبة 7.07% لتغلق التداولات عند 15.72 دولار ما يعمق من جراح الشركة التي تحاول هي الأخرى من أزمتها و تطرقنا إليها في مقال “ما الذي تسبب في أزمة تويتر رغم نجاح المنصة؟”
حتى فيس بوك تأثر أيضا في تداولات أمس وسط مخاوف المستثمرين و تأثرهم بتوقعات LinkedIn التي كانت أقل من توقعات المحللين، لذا كانت النتيجة انخفاض سهم الشركة بنسبة 5.81%.
أمس تطرقنا إلى أن توقعات الشركة للعام المالي الجديد و التي كانت أقل من توقعات المحللين هي السبب في الأزمة، و بالفعل هذا هو العنوان الرئيسي، لكن LinkedIn بنفسها لم تعلن عن تلك التوقعات من فراغ بل لإدراكها بالمخاطر المحدقة بها و التحديات التي تنتظرها.
- مشكلة تزايد عدد المستخدمين و تراجع المشاهدات
خلال الربع من الأخير من 2015 وصل عدد مستخدمي LinkedIn إلى 414 مليون مستخدم نشيط و ذلك صعودا من 396 مليون مستخدم نشيط خلال الربع الثالث.
لكن المشكلة التي قابلت هذا الإنجاز هو انخفاض عدد المشاهدات من 38 مليار مشاهدة خلال الربع الثالث إلى 37 مليار مشاهدة أي انخفاض حجمه مليار مشاهدة، ما يعني أن هناك مشكلة حقيقية في الشبكة من ناحية عدد الصفحات التي يزورها المستخدم لكل جلسة، و هذا يعني أن المدة التي يقضيها المستخدمين انخفضت أيضا و سر نجاح فيس بوك هو عدد المشاهدات الكبيرة لكل فرد و المدة الجيدة التي يقضيها المستخدم لكل جلسة.
مقارنة ما بين الربع الثاني و الثالث من العام الماضي نجد أن المشاهدات شهدت قفزة من 35 مليار مشاهدة شهريا إلى 38 مليار مشاهدة، و هذا هو المطلوب في الربع الأخير و للأسف لم يحصل بل تراجع.
- نمو أقل لمبيعات أونلاين مقارنة بالربع الثالث
مبيعات أونلاين التي تعود على LinkedIn بعائدات تشمل العديد من المنتجات أبرزها خدمة Recruiter Lite و الإشتراكات المدفوعة، و رغم أنها حققت خلال الربع الأخير نموا قدره 34% إلا أنه في الحقيقة انخفضت من 37% التي حققتها في الربع الثالث.
هذا يعني أن تباطؤ الاشتراكات المدفوعة و عدد من يدفع للحصول على خدمة Recruiter Lite هو واقع و ليس احتمال، و لا أحد يضمن هل سيواصل التباطؤ أم سيتعافى، لذا رجحت الشركة بنفسها أنها ستواجه بعض الصعوبات من هذه الناحية.
- التخلص من منصة إعلانات B2B
خلال عام 2014 نتذكر أن LinkedIn أقدم على شراء منصة إعلانات B2B و نتحدث عن Bizo في صفقة وصلت قيمتها إلى 175 مليون دولار.
الآن أكدت الشركة أن في طريقها للتخلص من هذه الخدمة التي تدعى حاليا Lead Accelerator و هو ما يعني خسارة 50 مليون دولار على الأقل مقابل الاستغناء عنها، و سيحدث هذا خلال النصف الأول من هذا العام فيما ستستغل تكنولوجيا هذه الخدمة في تطوير المحتوى الإعلاني “Sponsored Content”.
- تباطؤ الإقتصاد العالمي و إحداث فرص الشغل
في رسالة منها إلى المستثمرين أكدت شركة LinkedIn أن تباطؤ الإقتصاد العالمي و حالة من عدم استقرار العالم تؤثر فعلا على إحداث فرص الشغل و على انفاق المؤسسات في البحث عن الموظفين و توظيفهم خصوصا في أوروبا و الشرق الأوسط و أفريقيا و القارة الآسيوية التي تواجه فيها اقتصادات صاعدة تباطؤا ملحوظا لعل الصين في مقدمتها.
نعم يمكن أن تكون البطالة و الظروف السيئة التي يمر منها العالم حاليا دافعا قويا للموظفين و الباحثين عن عمل من أجل التواجد على هذه الشبكة، لكن المؤسسات التي تبحث عن موظفين و تطلق حملات التوظيف هي مولد أساسي ليس للوظائف فقط بل للإيرادات من خلال الإنفاق على حملات التوظيف و الإعلانات الموجهة للشريحة المستهدفة.
- تراجع نمو مبيعات الإعلانات هي الأخرى!
تحقق شركة LinkedIn ايرادات مهمة من الإعلانات التي تظهر على شبكتها الإجتماعية، لكن على ما يبدو تواجه بالفعل هذه الشركة صعوبات حقيقة في نمو المبيعات الإعلانية و التي تراجعت من 28% في الربع الثالث إلى 20% في الربع الرابع.
هذا بالفعل مخيف خصوصا و أن الربع الأخير عادة ما يشهد انفاق الشركات لأكبر الميزانيات الممكنة على الإعلانات و من بعد تبدأ من أدنى ميزانية ممكنة خلال الربع الأول للعام الجديد و هكذا.
و في رسالة من السيد Jeff Weiner الرئيس التنفيذي إلى المستثمرين، أكد على أن الشركة ستنفق المزيد من الأموال في تطوير الأدوات الإعلانية و محاولة استغلال الفرص الجديدة لمنع المزيد من تراجع النمو.
- حرب العملات مدمرة للشركات الأمريكية و هذه واحدة من المتضررين
تؤكد الشركات الأمريكية في مختلف القطاعات أن حرب العملات بين الدول الكبرى خصوصا بين أمريكا و الصين تعود عليها بخسائر كبيرة و تحد من قدرتها في المنافسة، و تستغل الشركات الصينية العملة الصينة الرخيصة كميزة تنافسية بينما نعلم أن الدولار عاش خلال الأشهر الماضية على إيقاع الإرتفاع بشكل كبير.
في الرسالة نفسها من Jeff Weiner إلى المستثمرين أكد على أن هذه النقطة مهمة للغاية، و أنها ستكون سببا في تقليل نمو الشركة خلال 2016 بحوالي 2%.
- تويتر يعيش نفس المعاناة بطريقة أخرى و فيس بوك يواجه بعض الصعوبات
عند قراءة المقال الذي تطرقنا فيها إلى أزمة تويتر يمكنك التعرف على المشاكل التي تواجهها هذه الشركة أيضا و التي ترجمت إلى نزيف مستمر في البورصة يقلص من قيمتها السوقية باستمرار.
أما فيس بوك فهو الآخر بدون شك يواجه صعوبات عدة جعلت ردة فعل المستثمرين أمس و التي أدت لانخفاض سهم السعر بنسبة 5.81% تأكيدا على أن مخاوف LinkedIn التي دفعتها للتقليل من توقعاتها هي منطقية و صحيحة و يتوجب على الشبكة الإجتماعية الأكبر في العالم أن لا تتجاهلها لعل أبرزها الدولار المرتفع مقارنة بالعملات المنافسة، إلى جانب تباطؤ نمو عدد المستخدمين النشيطين الجدد الذي ينتظر أن ينظموا لهذه الشبكة مستقبلا خصوصا و أنها تعدت حاليا 1.6 مليار مستخدم و سيكون من الصعب تحقيق معدلات نمو متسارعة في ظل العقبات التي تواجهها مشاريع نشر الإنترنت مجانا في العالم و قد تلقت الشركة ضربة في الهند و مصر من خلال إيقاف خدمة فيس بوك للإنترنت المجاني Free Basics.
كما أن نمو معدلات استخدام اضافات حجب الإعلانات و التطبيقات التي تمنع الدعايات من الظهور لها أثر سلبي سيكون واضحا إذا ما استمر انتشارها و ذلك في المستقبل المنظور، و ستؤثر على المبيعات الإعلانية و قد رأينا تبني سامسونج مؤخرا لوضع هذه الميزة في متصفحات هواتفها الذكية افتراضيا.
نهاية المقال:
الآن أصبح واضحا لماذا عاش LinkedIn يوم جمعة كارثي عمق من جرح تويتر و كان بمثابة إنذار حقيقي لفيس بوك، المستثمرون يريدون نتائج متنامية بقوة و باستمرار و هذه الشركات تواجه عقبات عديدة هي التي تطرقنا إليها تجعل من الصعب تحقيق تلك الأرقام التي يطمحون إليها و النتيجة واحدة، انخفاض قيمة الأسهم و القيمة السوقية و اندلاع أزمات قد تكون قاتلة لهذه الشركات لاحقا!