من الممكن أن يصبح انضمام مصر لمجموعة بريكس رسميا عما قريب، وحينها ستنضم لتكتل اقتصادي يتشكل من دول نامية وصاعدة، يجمعها أنها تطمح لدول أكبر في النظام العالمي.
بعض المحللين استقبلوا خبر الطلب المصري بشكل رسمي للإنضمام إلى بريكس، على أنه في حال تحقق سيؤدي إلى حل مشكلة انهيار الجنيه المصري وسيعطي للإقتصاد المصري دفعة قوية.
في هذا المقال نجيب عن سؤال مهم وهو: هل تنتهي أزمة الجنيه المصري بعد انضمام مصر لمجموعة بريكس؟
التعامل مع مجموعة بريكس بالعملات المحلية لن يحل المشكلة
قيمة الواردات المصرية في عام 2021 هي 86.6 مليار دولار منها 23.6 مليار دولار من مجموعة بريكس، وارتفعت في عام 2022 إلى 24 مليار دولار امريكي.
وقد أشارت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، إلى ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة بريكس لتصل إلى 31.2 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 28.3 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 10.5%.
في المقابل لا تصدر مصرا كثيرا إلى هذه الدول وحسب بيانات 2022، وصلت صادرات مصر إلى الهند 1.9 مليار دولار، وجاءت الصين في المرتبة الثانية 1.8 مليار دولار، ثم روسيا 595.1 مليون دولار، ثم البرازيل 402.1 مليون دولار، وأخيراً جنوب إفريقيا 118.1 مليون دولار.
هذا يعني أنه حتى في حال اتفقت مصر مع تلك الدول على التعامل بعملاتها في التجارة، فهذا لن يحل أزمة الجنيه المصري فلا تزال الدولة بحاجة إلى حوالي 60 مليار دولار لتغطية الواردات الدولارية.
كما أن العجز التجاري مع دول بريكس كبير بالنسبة للقاهرة وستحتاج إلى حل غير تقليدي في حال كان هناك اتفاق لتبادل العملات.
تسعير الجنيه المصري وبقية العملات هو بالدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي (USD) هي العملة المرجعية الأكثر استخدامًا لتسعير العملات النقدية حول العالم، ويُستخدم الدولار كعملة احتياطية في العديد من البلدان وتجارة السلع العالمية.
في حال استمرار انهيار الجنيه المصري فإن دول مثل الصين والهند ستتعامل بناء على سعر الجنيه مقابل الدولار كي تصل إلى السعر العادل واللحظي لعملاتها مقابل الجنيه المصري وهذا ما يفعله حاليا البنك المركزي الروسي الذي يعمل على تسعير الجنيه مقابل الروبل بناء على أسعار العمليتين مقابل الدولار الأمريكي.
لهذا السبب تحتاج القاهرة أولا إلى التعويم الكامل وتنفيذ الإصلاحات الداخلية المطلوبة من اجل حل الأزمة الاقتصادية، أما السياسة الحالية التي تتضمن التعويم التدريجي فهي مؤلمة وتطيل الأزمة لسنوات وقد تكون البلد إلى الإفلاس في النهاية.
يتمتع الدولار الأمريكي بموقع الاحتياطي العالمي، حيث يحتفظ العديد من البنوك المركزية والحكومات بمخزونات كبيرة من الدولارات كجزء من احتياطياتها النقدية، ويعزز ذلك الثقة في الدولار كعملة مستقرة ومقبولة دوليًا، ومقارنة مع اليوان الصيني الأخير لا يتمتع بشعبية كبيرة عالميا كما أنه بنفسه مرتبط بالدولار وترفض بكين التعويم لأنه إذا حدث ذلك ستصبح العملة الصحية مكلفة ما سيؤثر سلبا على الإقتصاد الصيني الذي يعتمد كثيرا على التصدير.
مشكلة الإقتصاد المصري هي أزمة داخلية
لن تستطيع دول بريكس انقاذ مصر من ورطتها الأخيرة، هذه نتيجة الإقتراض القوي والإنفاق في مشاريع تنموية لم تعطي إلى الآن عائدات مالية للدولة المصرية، ومن جهة أخرى فإن سياسات الدولة الإحتكارية في عدد من المجالات وتنافس الجيش أثر سلبا على نظرة المستثمرين إلى مصر.
لا أحد ينكر أن مصر كانت تسير في الطريق الصحيح حيث استثمرت في الطرقات وانشاء المدن والبنى التحتية، لكن عدد من تلك المشاريع مبالغ في قيمتها أو أنها تحتاج لسنوات كي تعود بالمردود المالي.
يفضل بعض الخبراء توجيه تلك المليارات من الدولارات في دعم السوق الحرة وانشاء الشركات والإستثمار في الفلاحة والزراعة قبل أن تحدث الأزمة العالمية الأخيرة.
تتهم المعارضة السياسية خصوصا الخارجية الحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي بسرقة مصر من خلال الإستدانة الخارجية، والحقيقة لا يوجد دليل ملموس على صحة كلامهم، لكن الفساد الحكومي موجود ويمكن أن يكون على مستويات عالية.
مثل البلدان التي تقودها الجيوش لا تستطيع مصر اكتئاب ثقة المستثمرين وجلب الإستثمارات على النحو الأمثل، ولهذا تتجه الأنظار إلى انتخابات 2024.
انضمام مصر لمجموعة بريكس سيكون له تأثير إيجابي على زيادة التبادل التجاري وغالبا مع استمرار الوضع الحالي لاقتصاد مصر سيكون لصالح دول بريكس الكبرى التي ستزيد من صادراتها إلى السوق المصرية.
إقرأ أيضا:
موقع مصر في التجارة الإقتصادية العالمية
لماذا يتزايد أعلى عائد على شهادات الادخار في مصر؟
تعويم الجنيه المصري وإلا افلاس مصر قريبا
أسباب وتداعيات تزايد طباعة الجنيه المصري بشكل سريع
التعويم القادم للجنيه المصري غصبا عن السيسي
فوائد هزيمة السيسي في الإنتخابات الرئاسية المصرية 2024
أكاذيب انهيار الدولار الأسود في مصر بعد تصريحات السيسي