في الذكرى الثامنة لإفلاس ليمان براذرز وإندلاع أزمة 2008 هل حان سقوط دويتشه بنك؟

deutsche-bank
هل حان سقوط دويتشه بنك؟ الحقيقة مؤلمة

الأزمة المالية لسنة 2008 لا تزال حاضرة بقوة في مشهد الإقتصاد العالمي، وفي ظل الركود وأزمة الديون التي تعاني منها الدول والمؤسسات المالية والبنوك أيضا، يبدو أن مأساة الإفلاس قابلة للتكرار أكثر من مرة.

المرة السابقة كانت في 15 سبتمبر 2008 حينما أعلن بنك الأعمال الأمريكي ليمان براذرز إفلاسه واهتز قطاع البنوك على إثر ذلك لتتدخل الحكومات التي سارعت لضخ المليارات من الدولارات للحد من تأثير الأزمة وهو ما خفف منها ولم ينهي المشكلة المستمرة إلى الآن.

وبالطبع فإن أزمة 2008 لم تكن خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية فقط بل بالعالم أجمع وكانت أوروبا بالنسبة لها ساحة حيوية مركزها ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد على القارة العجوز ورائدة دول اليورو والتي عانت على مدار السنوات الماضية من كافة المشاكل الإقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما انعكس سلبا أيضا على وضع الإتحاد الأوروبي وقوته المالية ليكون خروج بريطانيا من أهم تداعيات ذلك ولا ننسى بالطبع أزمة الدين الحكومي في اليونان وتدهور حالة اسبانيا وايطاليا ودول أخرى غارقة بالديون.

وفيما نستحضر ذكريات إفلاس ليمان براذرز وخروج الأزمة المالية إلى العلن بعد أن كانت بوادرها جد واضحة نعيش حاليا شبح إفلاس دويتشه بنك، أكبر بنك في ألمانيا والذي يملك الكثير من الفروع في أوروبا ودول العالم والتي يصل عددها إلى 70 بلدا ولديه 101,104 موظف حسب الأرقام الرسمية لسنة 2015.

البنك الذي كان سعر سهمه يصل إلى 100 دولار خلال 2007 فقد معظم قيمته وحاليا يتراوح سعره ما بين 8 دولار و 11.48 دولار وهو ما يعني أن البنك خسر معظم قيمته السوقية وهناك حديث عن إمكانية الإفلاس في ظل رفض الحكومة الألمانية التدخل بالوقت الحالي لإنقاذ أي مصاريف أو بنوك متعثرة وهو ما يعطي المستثمرين والخبراء الماليين صورة قاتمة عن وضعية هذا البنك.

 

  • أزمة دويتشه بنك بدأت بوضوح منذ بداية هذا العام

في الواقع ما يعيشه البنك الألماني بالوقت الحالي ليس وليد الأيام الأخيرة، بل إن الأزمة بدأت مع بداية العام الميلادي الحالي وتفاقمت الأمور ووصلت الأزمة الآن إلى الذروة لهذا من الطبيعي أن تكون أنظار العالم كلها على هذا البنك بالوقت الحالي، فيما يراقب المستثمرين بتخوف ما يحدث خصوصا وأن سقوط هذا البنك يعني المزيد من الضحايا مستقبلا فالإقتصاد العالمي والنظام المالي عبارة عن أحجار الدومينو، يسقط الأول ويتبعه الثاني وهكذا حتى تشمل الكارثة الجميع.

 

  • مشكلات كبيرة تواجه دويتشه بنك

هناك العديد من المشكلات التي تقف وراء أزمة البنك الألماني في الوقت الحالي منها تبعات الأزمة المالية لسنة 2008 التي قيل أنه تخلص منها.

لكن تأكد أن الموضوع لم ينتهي عندما أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن تغريم البنك في تسوية لمطالبات منذ أزمة الرهن العقاري في عام 2008 والتي تورطت فيها مجموعة من البنوك الأمريكية والأوروبية التي تعاقب حاليا وتطالبها الولايات المتحدة الأمريكية بسداد الخسائر التي تسببت فيها للمواطنين الذين فقدوا منازلهم.

الغرامة المفروضة على البنك الألماني تصل قيمتها إلى 14 مليار دولار فيما يمتنع البنك حاليا عن سداد المفروض عليه كونه يرى أن الغرامة مبالغ فيها وأنه سيدخل في مفاوضات مع الوزارة الأمريكية لتخفيضها كما فعلت بنوك أخرى مثل بنك سيتي جروب الذي نجح في تخفيض المبلغ المطلوب من قبل وزارة العدل الأمريكية من 12 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار.

والحقيقة أن هذه الغرامة التي تصل إلى 14 مليار دولار تشكل 80 في المئة من القيمة السوقية لهذه المؤسسة وهنا يتضح لنا أنه قد لا يكون لديه القدرة على دفع المبلغ في الأصل.

من جهة أخرى فإن وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز أكدت على أن التصنيف الائتماني للبنك محدد على (BBB+) مع نظرة مستقبلية سلبية، والتي أضافت بالقول أنه بالرغم من تفاؤل مدير البنك الألماني والقول أنه سيتمكن من تخفيض الغرامة إلا أنه في الحقيقة سيدفع اكثر من 14 مليار دولار وتغطية التكاليف القضائية أيضا.

وما نعرفه أيضا أن البنك الألماني ليس لديه سوى 5.5 مليار كرأس مال احتياطي تم منحه، وبالتالي حتى في حالة تخفيض الغرامة إلى النصف لن يكون قادرا على سدادها.

وبعيدا عن هذه الغرامة فإنه تجاريا يخسر البنك وهو لا يربح حيث أعلن خلال أكتوبر الماضي عن خسائر فاقت 6 مليارات دولار خلال الربع الثالث خلال 2015.

 

  • سقوط دويتشه بنك سيكون كارثة عالمية أكبر من أزمة 2008 بأضعاف

يتجاوز حجم المشتقات المالية “العقود” التي يتعامل فيها البنك حوالي 50 تريليون دولار أمريكي وهو ما يعد اكبر بأربعة أضعاف الناتج المحلي لمنطقة اليورو وأكبر بحوالي 15 مرة من الناتج الخام لدولة ألمانيا.

وبالطبع سقوطه مثل ليمان براذرز سيشع تسونامي يبلع الإقتصاد العالمي هذه المرة وليس مجرد أزمة اقتصادية عادية مثل أزمة 2008.

وما يجعل إنقاذ هذا البنك صعبا أن الحكومة الألمانية نفسها عاجزة عن تمويل عملية الإنقاذ فيما تتجاهل المستشارة الألمانية هذا الموضوع في ظل الإنتخابات التي ستعقد العام الماضي وقد تخسرها على الأرجح بناء على المعطيات الحالية.

ويطالب الخبراء الإقتصاديون بمنع حدوث ذلك بأي طريقة ممكنة لكونه سيكون كارثة على الاقتصاد العالمي دون تمييز وسيعود بالعالم إلى الوراء كثيرا.

ويتجه البنك في الوقت الحالي للتخلص من 188 فرعا في ألمانيا وسيعمل على تسريح 9000 موظف مع إغلاق 43 فرعا في اسبانيا و بولندا بالبداية.

هذا يعني أن الكثير من الموظفين سيفقدون وظائفهم لكن في حالة الإنهيار سيفقد الجميع وظائفهم من أعلى منصب بالشركة إلى الموظف الأصغر شأنا.

 

نهاية المقال:

سقوط دويتشه بنك أصبح مسألة وقت فقط ما لم تتدخل العديد من الأطراف القوية لإنقاذه أو اتجهت الشركة لتسريح الموظفين وهو ما بدأت بفعله لتقليل الخسائر التشغيلية الكبيرة في ظل تراجع عائداته وخسارة أكثر من 80 في المئة من قيمته السوقية ليصبح حقيقة 101,104 موظف في خطر البطالة بحوالي 70 بلدا وخسارة 50 تريليون دولار وهو ما سيهز لا محالة الإقتصاد العالمي بطريقة شنيعة لا يمكن للقارئ العادي تخيلها.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

التعليقات مغلقة.