سر انهيار قرصنة الموسيقى والأفلام في الصين وحقائق لا تعرفها

قرصنة الموسيقى والأفلام تعاني في الصين

ارتبطت الصين في أذهان الملايين من الناس حول العالم بالسرقة الفكرية والقرصنة منها الأفلام والموسيقى وتوفيرها بأسعار رخيصة في أقراص توزع بمختلف الأسواق وتعرض مجانا للتنزيل على منتديات الإنترنت.

لكن هذا الواقع في طريقه للتغير وتؤكد الأرقام والثورة الحاصلة حاليا في الصين أن الفرد الصيني قادر على التخلي عن القرصنة والتعايش مع تطورات التكنولوجيا الجديدة ومسايرتها بسرعة.

قبل سنوات ظهرت خدمات بث الأفلام والموسيقى عبر الإنترنت والتي تتطلب اشتراكا شهريا زهيدا مقابل الكثير من المحتوى العالي الجودة، وقد انتقلت هذه الموجة إلى الصين ووجدت بيئة مهمة لظهور الكثير من الشركات الناشئة والعملاقة التي اتجهت إلى تقديم خدمات بث المحتوى وعرضه بشكل قانوني وبأسعار رخيصة والأهم توفير طرق دفع سهلة للمستخدمين.

 

  • ثورة التكنولوجيا في خدمة القضاء على القرصنة بالصين

تعد الصين أكبر دولة في العالم على مستوى عدد مستخدمي الإنترنت وقد أقبل الشباب ومختلف الفئات هناك على الاشتراك في الإنترنت وشراء هواتف ذكية واستخدام الخدمات المحلية التي تحتكر السوق الصينية وتقدم مزايا وخدمات في مستوى الخدمات العالمية.

وظهرت الكثير من خدمات بث الموسيقى وخدمات بث الفيديو وهناك خدمات توفر بث نمطي المحتوى، وكلها تتوفر على شكل مواقع وتطبيقات متاحة للموبايل وتعمل على أندرويد و آيفون والأجهزة المحمولة الشائعة في الصين.

وقد وجد الجيل الجديد من الشباب الصينيين أن تلك الخدمات تقدم لهم المحتوى بجودة عالية ودون الحاجة إلى شراء الأقراص التي تكلف سعرا أكبر، خصوصا إن كان المستهلك الصيني سيشتري كل يوم قرص فيلم جديد لمشاهدته، كما أن طول مدة تنزيل الأفلام والموسيقى والتضييق على مواقع القرصنة كلها عوامل دفعت الملايين من المستخدمين هناك إلى التوجه نحو هذه الخدمات.

 

  • أسعار الخدمات الصينية مغرية وحلها لمشكلة الدفع ساعد على محاربة القرصنة

متوسط أسعار خدمات بث الفيديو هي 20 يوان أي 3 دولارات يدفعها المستخدم شهريا، بينما خدمات بث الموسيقى تتطلب اشتراكا شهريا أقل من 15 يوان أو 2 دولار شهريا.

هذا مقابل الخدمات العالمية وفي مقدمتها نتفليكس للمحتوى المرئي والتي تتطلب 8 دولارات شهريا و Spotify للمحتوى السمعي والتي تتطلب 10 دولارات فقط.

ومن المعلوم ان الخدمات الصينية تستهدف السوق المحلية والتي تضم حوالي 1 مليار مستخدم للإنترنت من عدد السكان الذي يصل إلى 1.4 مليار نسمة.

كما أن تلك الخدمات تتفهم بأن المستوى المعيشي معظم الصينيين لا يصل إلى نفس المستوى للأمريكيين، لهذا كان التسعير مقبولا وجيدا.

إضافة لما سبق لم تتوقف هذه المنصات عند توفير المحتوى القانوني العالي الجودة بأسعار رخيصة بل أيضا دعمت مختلف وسائل الدفع منها WeChat Pay وأيضا Alipay وهناك ثورة على مستوى ابتكار وسائل الدفع والخدمات التي تسهل على الملايين من المستخدمين القيام بمعاملات مالية على الإنترنت بعيدا عن التعقيدات.

 

  • منصات توفر مشاهدة الأفلام والاستماع للموسيقى مجانا مع الإعلانات

هناك الكثير من الشركات في الصين وفيما تتفق على الاشتراك الشهري المدفوع دون عرض أي إعلانات، فهناك خدمات أخرى توفر عرض الإعلانات لتحقق العائد المادي الذي يسمح لها بمواصلة العمل.

ويعد هذا النموذج ناجح أيضا في الصين حيث هناك الملايين من المستخدمين الذين لا يريدون الاشتراك الشهري المدفوع ويفضلون استخدام تطبيقات تعرض لهم المحتوى بشكل قانوني فيما يتعايشون مع الإعلانات التي تظهر بها.

ومن المعلوم أن أكبر اللاعبين في السوق الصينية هي الخدمات والشركات المحلية ومنها Tencent Video و iQiyi اللتان توفران الخطة المجانية والخطة المدفوعة، وتقول الأولى أن نسبة المستخدمين المشتركين هي 10% وعددهم 43 مليون مستخدم، ونجد الثانية تتمتع بنفس النسبة من المستخدمين الذين يدفعون شهريا وعددهم 30 مليون مستخدم.

هذا يعني أن أغلب المستخدمين يفضلون الخطة المجانية القائمة على عرض الإعلانات، والشركات هناك لا تجد أية مشكلة في تقديم هذه الخدمة.

 

  • الخدمات الصينية تنافس على المحتوى الحصري

مثل الخدمات العالمية تتنافس الخدمات الصينية على تقديم محتوى حصري وخاص للمستخدمين لديها، وقد اتجهت عدد منها إلى صناعة المحتوى الخاص بها، بالتعاقد مع الفنانين والمنتجين وانفاق جزء جيد من ميزانياتهم على المحتوى.

خلال أبريل الماضي تعاقدت iQiyi الصينية مع نتفليكس الأمريكية لتعمل هذه الأخيرة على توفير محتويات منها للجمهور الصيني منها “Black Mirror” “Stranger Things” وأيضا “Mindhunter” كما تعاقدت Tencent مع HBO التي وفرت لها بث حلقات مسلسل “Game of Thrones”.

وما بين إنتاج المحتوى المحلي والشراكة مع الخدمات العالمية لاستقطاب المحتوى منها للمشاهدين، نجحت الخدمات الصينية في جلب الملايين من المستخدمين وابعادهم عن القرصنة الإلكترونية.

 

  • منتديات ومواقع القرصنة تتجه إلى الانهيار والدمار الشامل

من جهة أخرى شهدت المنتديات ومواقع القرصنة تراجعا كبيرا في الزيارات والمستخدمين وأقبل العديد منها على اتخاذ قرار الاغلاق، خصوصا في ظل تضييق السلطات الصينية على القرصنة والمحتويات الأخرى الممنوعة مثل الاباحية والمقالات ومقاطع الفيديو التي تروج للأخبار المزيفة.

لدى Tencent Video حوالي 457 مليون مستخدم ضمنهم 43 مليون مشترك يدفعون المال شهريا، هذه الشريحة الكبيرة من الأكيد أنها ابتعدت عن منتديات القرصنة والطرق الغير القانونية للحصول على المحتوى.

في مقابلها نجد خدمة iQiyi التي يستخدمها حوالي 500 مليون مستخدم ضمنهم 30 مليون مستخدم يدفعون الاشتراك الشهري.

هذا العدد الكبير من المستخدمين خسرتهم المنتديات ومواقع القرصنة التي تراهن على فئة تتضاءل يوما بعد يوم.

 

نهاية المقال:

لسنوات طويلة تصدرت الصين الدول التي تنتشر فيها قرصنة الأفلام والموسيقى، لكن مع الثورة الحالية يمكن أن نرى مليار مستخدم يستخدمون خدمة iQiyi ومنافستها Tencent Video وهو ما يشكل أكبر دليل على انهيار القرصنة هناك.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز