طرد آبل من الصين يعني بداية النهاية 2020

chines-flag-apple-logo
هذا مرعب للغاية

من يخبرك هذه الأيام بأن شركة آبل بخير فهو بكل تأكيد كاذب، الواقع الذي نراه أمامنا هو ان العملاق الأمريكي ينزف نزيفا مستمرا منذ فترة ليست بالقصيرة، وسط هزة كبيرة أصابت المستثمرين بحالة من الشك في قدرات هذه الشركة وأيضا في مستقبلها الذي يبدو غامضا ومظلما.

سيكون من الصعب عليك فهم حقيقة أزمة آبل إذا لم يسبق لك وأن قرأت “4 أسباب دفعت آبل نحو الهاوية وخسارة المليارات في ساعات!“، لكن حتى بعد فهم أسباب هذه الخسائر في تداولات أسهمها وتراجع ايراداتها أنت بحاجة لفهم المزيد فالقضية ليست بتلك البساطة التي تظن.

إلى جانب مبيعات آيفون و حواسيب آيباد والماك التي تراجعت عالميا والصعوبات التي تعاني منها في مواجهتها للشركات الصينية بالسوق الصينية والسوق العالمية، هناك سبب آخر يجعل المستثمرين في حالة شك وريبة وتخوف مما قد يحدث خلال الأيام القادمة.

يتعلق الأمر بوضع آبل في الصين فهي أضحت مهددة بالطرد من السوق الصينية خصوصا وأنه تم حظر iBooks و iTunes Movies في هذه السوق مؤخرا.

والحقيقة ان آبل سعت كثيرا ليتوفر آيفون خلال السنوات الأخيرة في الصين، خصوصا وأن هذا الانجاز جاء بعد مفاوضات طويلة وشاقة مع الحكومة الصينية التي تضع معايير صارمة تنظم بها أنشطة الشركات الأمريكية والعاملة هناك وفي حالة اإصرار شركة معينة على السلوكيات التي تتعارض مع ميثاق التجارة في الصين تتخذ الحكومة الصينية قرارا بطرد الشركة المخالفة.

حصل في الواقع هذا مع شركة جوجل التي لا تقل أهمية عن آبل مكانة وقيمة، حيث تعرضت للطرد من الصين وانتقلت للعمل في هونغ كونغ بعد أن رفضت حجب العديد من نتائج البحث التي تقول الحكومة الصينية أنها تحرض على العنف والكراهية لها وللحزب الشيوعي الحاكم، وأنه بطريقة أو أخرى اضحت جوجل سلاحا في يد الولايات المتحدة الأمريكية لعرض المحتويات التي تشجع على الإنقسام الداخلي الصيني والأفكار التي تحرض على الفتنة والثورة رغم ما وصل إليه هذا البلد من تقدم واحتلاله مراتب متقدمة وأحيانا متفوقة في الكثير من القطاعات والمجالات وتحسن دخل الصينيين.

رفض جوجل الطلب الصيني كلفها الكثير حقيقة، فقد تركت لمنافسها الصيني بايدو مساحة واسعة للسيطرة على البحث الإلكتروني، وأضحت خدماتها ومنها جوجل بلاي محظورة هناك هذا إلى جانب منصة بلوجر وخدماتها المختلفة.

وفي الحقيقة هناك شركات أمريكية أخرى تعيش نفس الواقع ومنها فيس بوك وأيضا العالمية تويتر والقائمة طويلة، حيث لا تتردد الحكومة الصينية في طرد أية شركة يتأكد أنها لا تعمل من أجل التجارة فقط بل أيضا لبث سموم الثقافة الأجنبية في عقول وأذهان الصينيين.

لقد تصرفت آبل بشكل دبلوماسي عندما حاولت الدخول إلى هذه السوق من خلال تعزيز العلاقات مع الاتصالات الصينية China Mobile ومنحها العديد من المزايا الخاصة لتسويق قوي لهواتف آيفون، وعقد مسؤوليها الكثير من المفاوضات الشاقة مع الحكومة قبل ان يصبح لها وجود رسمي هناك وإن كانت دائما تعتمد على فوكسكون التايوانية في تصنيع هواتفها بمصانعها الموزعة في الصين.

تم الإتفاق وسريعا ما حققت آبل النجاح في هذه السوق خصوصا مع آيفون 6 والذي بفضله وصلت حصة هذه الشركة إلى 15 في المئة من السوق الصينية ومع إطلاق آيفون 6 اس الذي لم يلقى إعجاب العملاء هناك كما هو الحال في العالم تراجعت مبيعات آيفون وحصته السوقية إلى 12 في المئة، فيما تراجعت المبيعات هناك بنسبة 26 في المئة.

انخفاض مبيعات آيفون في الصين شيء مرعب للغاية، كيف لا وقد أصبحت هذه السوق تشكل ثاني مصدر للإيرادات لشركة آبل وحتى على مستوى متجر التطبيقات تجاوزت الايرادات منه في هذا البلد دولة اليابان التي كانت تحتل المرتبة الثانية وراء الولايات المتحدة الأمريكية من متجرها آب ستور.

الكابوس الأكثر رعبا بالنسبة لشركة آبل الآن، هو إمكانية إقدام الحكومة الصينية على طردها من السوق الصينية في خطوة التفكير في تأثيراتها وتداعياتها على هذه الشركة هو في ذاته أمر مرعب.

المستثمرين أمثال كارل أيكان الذي قرر بيع حصته التي يملكها في هذه الشركة، أكد بالحرف الواحد أن هناك مخاوف حقيقية من تأثير الصين على آبل فسعر السهم على هذا الأساس سيواصل التراجع وبعبارة أخرى لم يعد مربحا بالنسبة له كمستثمر بعدما حقق المليارات من الدولارات من الاستثمار فيها.

المستثمر الملياردير الذي لطالما اعتبر أن الاستثمار في آبل هو امر بديهي لأنها شركة عظيمة وتربح ولديها آفاق كبيرة للغاية غير وجهة نظره بعدما تبين له من خلال حنكته وتجربته الطويلة في قطاع المال والأعمال أن المستقبل ليس جيدا بالنسبة لها.

في الربع الاول من هذا العام حققت آبل ايرادات وصلت إلى 12.5 مليار دولار من دولة الصين وهي التي تأتي الثانية خلف أمريكا الشمالية حيث حققت 19 مليار دولار أمريكي، وفي حالة افترضنا أن هذه الايرادات ثابتة للشركة فهي بالتأكيد ستحقق سنويا من الصين 50 مليار دولار والطرد من هذه السوق يعني خسارة هذا الكم من الايرادات.

بالعودة إلى السنة المالية الفائتة 2015 حققت آبل في الربع الأول 16.1 مليار دولار بنمو قدره 70% وخلال الربع الثاني حوالي 16.8 مليار دولار بنمو قدره 71% وواصلت النمو بنسبة 112% من خلال تحقيق 13.2 مليار دولار في الربع الثالث بالصين، ثم حققت الشركة 12.5 مليار دولار في الربع الرابع بنمو قدره 99% وهذا من خلال مقارنة هذه الايرادات بنفس الفترة من 2014.

ومجموع الايرادات التي حققتها في السنة المالية الفائتة هو 59.3 مليار دولار وكان متوقعا أن تحقق هذه السنة ايرادات أكبر وحتى إن كانت أقل فإن منعها من العمل في هذه السوق تعني خسارة فادحة جدا.

هذه الخسارة المتوقعة لا يمكن التنبؤ بتداعياتها، سوى أنه من الأكيد أن القيمة السوقية ستتراجع كثيرا وستبتعد آبل كثيرا عن المركز الثاني ضمن العلامات التجارية الأغلى في العالم بعد سقوطها اليوم من المرتبة الأولى لصالح جوجل على خلفية تراجع سعر سهمها إلى ما بين 91 دولار و 89 دولار بعدما كانت قيمته قبل شهر محددة على 112 دولار.

وفيما تنافس الشركات الصينية بكل أريحية وحرية في الأسواق العالمية ووجدت هواوي طريقها إلى السوق الأمريكية مؤخرا بعد سنوات من الحظر والخلاف مع الولايات المتحدة الأمريكية فإن آبل لن تجد سوقا تعوض لها خسارة الصين … حتى إن نجحت في الهند.

وبناء على ما سبق فإن الطرد من الصين يعني معاناة حقيقية لشركة آبل وحالة من نفور المستثمرين منها وخسائر فادحة للمتمسكين بالاستثمار فيها، فيما ستتجاوزها هواوي والعلامات التجارية الصينية القادمة من الخلف بسرعة وقبل حلول 2020، وفي حالة لم تغير الشركة مسارها وظلت على هذا الطريق فلن أتفاجأ إذا ما تحولت إلى نوكيا أخرى.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز